مواضيع ذات صلة

“خلاص فردي” لسامر محمد اسماعيل في مهرجان دبا الحصن المسرحي للعروض الثنائية

يستعد الكاتب والمخرج المسرحي السوري سامر محمد اسماعيل لتقديم عرضه المسرحي “خلاص فردي” مساء اليوم وذلك ضمن فعاليات مهرجان دبا الحصن المسرحي للعروض الثنائية الذي أفتتح مساء الأمس بالعرض الامارتي ” 17 ساعة.
وعن ميزة العروض الثنائيّة يحدثنا سمامر اسماعيل قائلاً: “ميزة العروض الثنائيّة أنها تعتمد على الممثل والممثل الشريك، والمسرح بدأ بممثل واحد مع ثيسبيس ثم جاء أسخيلوس وأدخل الممثل الثاني، وهذه العروض تجربة لها خصوصيّة من حيث بناء علاقة دراميّة بين ممثلين على الخشبة وهي تحفّز على تحقيق شكل مختلف فنيّاً ودرامياً ضمن مهرجان يعتني بهذه العروض هو مهرجان دبا الحصن الذي تنظمه إدارة المسرح في دائرة الثقافة في الشارقة”.

أكثر من عمل مسرحي
لا يبدو اسماعيل في تجاربه السابقة بعيداً عن مثل هذه العروض وهو الذي سبق وأن خاض تجربتها: “أنا من الذين يميلون إلى هذه التجارب التي تعتمد على ممثلين أو ثلاثة، وقد خضتُ هذه التجربة في أكثر من عمل مسرحي مثل “ثم ماتت بيرا” 1998 و”تصحيح ألوان” 2017 التي حازت على جائزة أفضل نص وأفضل ممثل في مهرجان قرطاج المسرحي في تونس وقد تُرجِم نصه الذي كتبته عن المعتقلين السوريّين إلى اللغة الفرنسيّة، والفرنسيّون الآن يحققون نسخة منه بعنوان “الخوف”.


لعبة مسرحيّة شيّقة ومباغتة
وعن فكرة “خلاص فردي” يقول: “قصّته تدور في ذهن كاتب مسرحي يكتب بشكل مباشر على الخشبة، فنُشاهد خيارات دراميّة متعدّدة تنبع من مخيّلته حيث لا مسافة في هذا العرض بين الواقع والوهم، وأنا ألعب على هذه الثنائية بتقديم لعبة مسرحيّة شيّقة ومباغتة تطرح سؤال “هل ما نعيشه وهم أم واقع؟” وإذا كان كذلك ما هو الدليل؟ هي أسئلة وجودية لها علاقة أيضاً بالكتابة المسرحيّة تحديداً وسؤال عندما يكون الكاتب في لحظة الإشراق كيف تتبدى شخوصه؟ وهل يستطيع أن يسيطر عليها؟ وهل يمكن أن تفلت من يده؟ أنا من الذين يحبّون أن يطرحوا أكثر من مستوى في العرض للقراءة، فأنا لا أميل إلى العروض ذات المستوى الواحد ولا أتعامل مع الواقع لأنه نوع من الأدب الرديء كما يقول ماركيز، إذ أتعامل مع بنية مقتطعة من الحياة مكثّفة أحاول من خلالها إيجاد حلول بتكثيف زمني معيّن لتقديمه في العرض وهو الزمن الذي يوحي لنا أنّ القصة تدور ضمن زمن طويل ليبدو وكأنّه يعكس حياة كاملة، كما أحاول من خلال زمن العرض أن أطلّ على مسرح اليوم ومن يعمل فيه وصعوبة الخيار الفنّي، خاصّةً في الواقع السوري الذي تجاوز الخيال بآلاف الأميال.
يكتب ويرى
ولكن بين النص الذي كتبه اسماعيل وما أنجزه على الخشبة كيف تبدو الأمور؟ لا يتردد اسماعيل بالقول: “أُنجِز النص كاملاً على الخشبة لأنني لا أكتب نصاً أدبياً بل نصاً للخشبة ليصبح قابلاً للقراءة والمراجعة بعد إنجازه وتقديمه للجمهور، وأنا أنتمي إلى الكاتب المخرج الذي يكتب ويرى ما سيدور على الخشبة، فأعدّ أثناء الكتابة تصوراً شاملاً لكل عناصر العرض، أي أنجز ما يشبه الديكوباج على الخشبة، وعندما أذهب إلى الإخراج أنسى أنني كاتب وأتعامل مع النص وكأنه نص لكاتب آخر”.
المسرح صنعه الشعراء والكتّاب
وككاتبٍ ومخرج يضيف اسماعيل: “أنا من الجيل الذي ينتمي إلى الكتّاب، والمسرح بالأصل صنعه الشعراء والكتّاب، فالذي أنجز ثورات وتيارات ومذاهب في المسرح هم كتّاب مثل بريخت، شكسبير، داريو فو، برانديلو، كانوا كتّاباً، وجزء منهم شعراء، وفي الأربعينيات والخمسينيات ظهرتْ التيارات والمذاهب المسرحيّة المتنوعة وانفصلت المهمات من إخراج وتأليف.. وفي العموم فإن المهنتين لا تنفصلان، وأنا أنتمي إلى هذا النوع من الكتّاب المخرجين الذين يكتبون ويخرجون ويمثّلون في عروضهم، حيث مثّلتُ سابقاً في عروض مثل “المومياء” ثم “ماتت بيترا” ثم تفرّغت للكتابة والإخراج”.
حلم أي كاتب
وعن الشكل الفني الذي يميل إليه في عروضه يؤكد اسماعيل أن كل عرض قدمه كان له شكله الفنّي الذي يملي عليه توجهه على صعيد السينوغرافيا والديكور، لكنه دائماً يطمح إلى تقديم كل ما هو جديد، والحكم في النهاية للجمهور والنقّاد والممثلين، ومع هذا يميل كمخرج إلى عدم المسرحة، فلا يحبّ التكلّف والنبرة الخشنة في العروض، وفي “خلاص فردي” اقترب من الغروتسك أحياناً، مع مزج بين مستويين: العامية والفصحى، وظاهرياً طابع العرض كوميدي وباطنه مأساوي يقترب من العنف، وهو نص إنساني في الدرجة الأولى ولا ينحصر في بيئة معيّنة، وهذا ما يسعى إليه في جميع نصوصه، ليكون قابلاً لأن يعيش في أيّ مكان وزمان وهذا حلم أي كاتب.
وجودها من البديهيّات
لا تغيب المرأة عن مسرح اسماعيل، فهي دائمة الحضور عبر الشخصيات التي يختارها في عروضه انطلاقاً من إيمانه أنه لا يوجد مسرح دون امرأة ورجل: “المرأة بالنسبة لي ليست كائناً تحت إنساني حتّى يكون لها وجود أو لا يكون على الخشبة، فوجودها من البديهيّات، وحضورها يضيف بعداً جمالياً على العرض، خاصّةً وأن الأحاسيس التي تقدّمها كممثلة تكون أعمق”.
المسرح هو الممثل
يؤمن اسماعيل كمخرج أن المسرح هو الممثل، والإخراج هو كيف يختبئ المخرج في الممثل، وكيف يموّه نفسه فيه وكيف يقيم علاقة مختلفة معه، لذلك فإن علاقته مع الممثلين هي علاقة شراكة حكماً لأن المسرح هو الممثل، وكل العناصر الأخرى يجب أن تكون في خدمته.
أما التقنيات التي بات يستخدمها المخرجون كثيراً في أعمالهم وكيف حمى نفسه من الانجرار خلفها يوضح اسماعيل: “هناك نوع من المسرح يعتمد على هذه التقنيات، وأنا خضتُ الكتابة فيها، وآخر عمل قدّمته على هذا الصعيد كان مع الفنان أدهم سفر وحمل عنوان “كونتراست” وهو نوع من أنواع المسرح، لكنّني أطمح لعرض بلا أي عناصر تزيينيّة وبلا إضاءة وإكسسوار وكهرباء وقادر على عرضه مع ممثل فقط على منصة عارية وفضاء فارغ.. أطمح إلى تحقيق هذا التقشف كثيراً في موضوع الإخراج”.
يُذكر أن مسرحية “خلاص فردي” لفرقة تجمع أشجار للمسرح التجريبي في سورية وهي من بطولة محمد شما ورغد سليم، دراماتورجيا وإعداد موسيقي طارق عدوان، مصمم أزياء ومساعد مخرج يوسف النوري، سينوغرافيا رضوان النوري.
السيرة الذاتية
مخرج وكاتب مسرحي قدم للمسرح القومي بدمشق عروض عديدة تأليفاً وإخراجاً منها: ليلي داخلي، كاستنغ، تصحيح ألوان التي نال عليها جائزة أفضل نص في مهرجان قرطاج المسرحي، كما له مونودراما “المومياء ، ثم ماتت بترا للمسرح الجامعي ، أشرف على دورات في إعداد الممثل وتوضيب الفضاء في المركز العربي الإفريقي بتونس، قدم محاضرات عن المسرح في عدة مهرجانات دولية، حاز على عدة جوائز كجائزة الأورودرام – شبكة الدراما الأوربية – عن نص مسرحية (الخوف) لعام 2020، أصدر العديد من الكتب المسرحية منها : مسرحية الخوف مترجمة عن اللغة الفرنسية ، كتاب نقدى عن المسرح السورى فى الحرب.
أمينة عباس- دبا الحصن