أكاد اجزم أنه في المغرب وحده يتم الحديث عن “دكاترة المسرح” صفة لفئة من المسرحيين لا علاقة ولا جامع بينهم، ولكنها تجتمع في هذا الوصف “الدكاترة”. الدكتوراه شهادة اكاديمية ليس إلا، ولا تميز صاحبها، فمن الدكاترة الفاسد ومنهم الكسول والبليد ولا حصر… ولكن نعرف أن “دكاترة المسرح” كان يقصد عند تداوله الأول الدكاترة الذين لا يمارسون المسرح ولا يعرفون لأساليبه العملية، مجموعة متعالمين يفهمون ويتعالون، ومقابلا لهم الفنانون الذين يعرفون المسرح عمليا وإبداعيا… زعما خبروا الخشبة وكيعرفوا ليها … طيب… لهذا في ندوة سنة 2005 بمراكش حول الدعم المسرحي سينبري في لحظة الفنان عبد الرزاق البدوي ليقول لنا: الدكاترة يبَعْدوا منا… بعد سنوات سيقع إبدال كبير… سيتعثر المسرح المغربي كله، بدَعْمه وشظَفه وفقره … وسيتوجه العديد من فناني التمثيل والإخراج والسينوغرافيا إلى إكمال دراساتهم في الماستر وبعدها في الدكتوراه… بدأت حينها أبحث عن عبد الرزاق البدوي في أي ندوة لأقول له: هذوك فناني المسرح يبعْدوا منا حنا الدكاترة… ولكن لم أعثر له على أثر.. المهم … خفف علي الفنان عبد الحق الزروالي حين صرح يوما، والله على ما أقول شاهد: ينبغي سحب ملف المسرح من وزارة الثقافة، وضمه لوزارة الصحة فالمسرحيون في المغرب أو أغلبهم مريض… كنا نعتبر كلام الزروالي خفيفا عابرا لولا أن وزير الصحة آنذاك خرج علينا ليقول إن حوالي 40 في المائة من المغاربة مرضى…. أوف.. تبين أننا في حاجة إلى الدكاترة.. .والمسرح في أحوج ما يكون إلى الدكاترة… وتبا لأوربا التي لا تسمي الدكاترةفي المسرح.. إذ تستعمل كلمات مثل ” الباحثين، النقاد، المتخصصين، الخبراء” لا.. نحن نحتاج إلى كلمة دكاترة المسرح… المهم الآن نحن تعادلنا… عدد من دكاترتنا يكتبون مسرحيات أو يخرجون أو يمثلون حتى، وعدد من فنانينا تدكتروا، ويكتبون في نقد المسرح وبحوثه… والحمد لله، كلما كثر الدكاترة، تبين أن المسرح المغربي مريض… مثلا سأكون جريئا وأقول إن من أمراض المسرح المغربي التوطين… لقد كنت ضمن أول لجنة تدارست أول مشاريع التوطين مع الوزير طيب الذكر محمد الأمين الصبيحي، وكان المشروع يسعى إلى الدفع بالفرقة المسرحية وفنانيها في الاندماج في وسطها السوسيولوجي، والتأثير فيه… الآن، فنانون من فاس يتم توطينهم في الحاجب، ومن القنيطرة في تامسنا، ومن مراكش في سيدي رحال… يعني طلع وهبط وصافي… هل هو توطين المسرح أم تهجير الفرق المسرحية وفنانيها ؟… طيب لنمر بسرعة… ظاهرة أخرى سأتكلم عنها واللي ليها ليها… مخرج سيقوم بإخراج مسرحيتين في نفس الموسم و في إطار دعم وزارة الثقافة… طيب… إخراج مسرحيتين في الموسم هذا سؤال كبير في الإخراج.. ولكن في دعم وزارة الثقافة القضية صعيبة، نحن نعرف أن آجال الاشتغال على مشاريع الدعم هي نفسها، تسبق المهرجان الوطني بقليل، يعني خلال أربعة أشهر كيف سيستطيع مخرج أن يخرج مسرحيتين؟ ربما أكون مخطئا بخصوص التوطين وبخصوص الإخراج كذلك، إذن نحتاج إلى سماع رأي المخرجين والمتوطنين من الفرق ليشرحوا لنا كيف سيقومون بذلك؟ المشكل في المسرح المغربي أن من يتكلم قليل، قليل للغاية… والدكاترة دورهم قبل كل شيء أن يتكلموا، يطرحون الأسئلة، يشاغبون، يقلقون الآخرين… يكسرون البيض المسرحي(ألم ينجز مسعود بوحسين مسرحية حول البيض؟) .. .لأن الفنان المسرحي بطبيعته، وليس في المغرب وحده، ضعيف أمام وزارات الثقافة … ونحتاج إلى الكلام حتى على دكاترة المسرح….
وختم الدكتور سعيد الناجي تدوينته كالتالي..أوف هذا ملف عتيق وثقيل… إلى التدوينة اللاحقة