يعد ضيفنا أرسطو، مرجعا للشعر والمسرح، خصوصا من خلال كتابه المرجع، “فن الشعر”؛ لذا نستحضر هذا المرجع الذي واكب عصورا وأجيالا من قبل التاريخ وبالضبط العهد اليوناني إلى ما بعده وصولا إلى الآن، وفي سفر هذا الكتاب/المرجع تناولت تيماته وأطروحاته عدة دراسات بالقراءة والتمحيص وما زالت البحوث تواصل الرصد والنبش، نستحضره إذن اليوم لأننا مقبلين في هذا الشهر على مناسبتين عالميتين، 21 مارس اليوم العالمي للشعر، و27 مارس اليوم العالمي للمسرح، وتدعوا الضرورة أن نطل مرة أخرى على أرسطو، وعلى كتاب فن الشعر، هذا الكتاب الذي يعرض فن الشعر لأرسطو من عدة زوايا تتعلق بالفكر والمقولة، وخصائص لغة الشعر، ووحدة الفعل في الملحمة والمأساة وأوجه التشابه والاختلاف بينهما، ثم يقدم القواعد الرئيسية للنقد الأدبي وفيه دفاع عن الشعراء ضد النقاد، ويعود بعد ذلك إلى مسألة المقارنة بين الملحمة والمأساة من حيث الأفضلية، وتعد مسألة المأساة والتطهير من أهم المسائل التي تعرض لها كتاب “فن الشعر”.
في البدء نترك الضيف يقدم لنا نفسه:
أنا أرسطوطاليس فيلسوف يونانيّ، اشتهرت عندكم في الدرس الفلسفي بأرسطو، انتميت للفلسفة لأني محب للحكمة، أنا تلميذ لفيلسوف المؤسس أفلاطون، ولدت عام 322 قبل الميلاد، في ستاغيرا في شمال اليونان كان والدي طبيبا مقربا من البلاط المقدوني. غادرت مقدونيا وأنا في سن السابعة عشرة إلى أثينا لنيل تعليمي، والتحق بأكاديمية أفلاطون ومكث فيها عشرين عامًا، وتوفيت عام 384 قبل الميلاد، ومن منجزي كتب في عدة مناح علمية وفلسفية وأدبية مثل الفيزياء والميتافيزيقيا، والشعر، والمسرح، والموسيقا، والمنطق، واللغويات. إلخ
كيف جاء مؤلفكم “فن الشعر”؟
أعتز أنه أصبح فن الشعر من أهم وأقدم الكتب النقدية من تراث الإغريقي التي وصلت لباقي العصور، كما أعتز بالأثر الكبير الذي تركه هذا الكتاب في النقد الأدبي، سيما وفن الشعر اهتم بكثير من أشكال الإبداع الفنيّ مثل الملهاة، والملحمة، والمأساة، والحوار، والموسيقا، والرقص، كما الشعر، وقد أخذت أوديب ملكا نموذجًا أساسيًا في فن المأساة؛ إذ تقوم المأساة بالنسبة إلي من خلال إيقاظ عاطفتيْ الخوف والشفقة للتوصل إلى ما يمسى بالتطهير.
في الحقيقية أنا لم أقدم كتاب فن الشعر ككتاب بل قدمت دروسا لطلبتي في فن الشعر، ووفاء منهم أنهم دمعوا دروسي بعد وفاتي بين ضفتي كتاب حضر بهذا الأثر بين الأجيال، والدليل أن كتاب فن الشعر لم يظهر إلا بعدي، حيث كما صرحت كان عبارة عن دروس ألقيتها على طلبته وتحاورت معهم في شأنها، وهذا ما يبرر الغموض الذي يعتري كتاب فن الشعر وما يعرف من تفكك واستطراد، وفراغات تنتظر من يلمؤها.
تكامل واستطراد:
تكاملا مع ماصرحت به معلم الأجيال الفيلسوف أرسطو، فهناك آراء تقول بأن كتاب “فن الشعر” عبارة عن مقالتين، ولكن لم تصلنا إلى مقالة واحدة فقط تنقسم إلى قسمين، القسم الأول: يضم 5 فصول، ويتحدث عن الشعر ومسائل الشعر عامة، والثاني من الفصل السادس حتى نهاية الكتاب، ويتحدث عن خصائص الرئيسية من الشعر، ولكن لم يتبق منه إلا الحديث عن المأساة والملحمة، أما الحديث عن الملهاة والهزل فقد وصل إلينا ناقصًا.
رد وتكامل وتوضيح من أرسطو:
أعرف الشعر في القسم الأول وفق ما جمع طلبتي بأنه “محاكاة” وهو التعريف الذي كان مشهورًا في زمانه بفضل أفلاطون، وتتم المحاكاة من خلال الإيقاع والانسجام واللغة، وتفترق الخصائص الشعرية بناء عليها وفق خصائص معينة الأولى خاصية الاختلاف في الوسيلة، والثانية خاصية المضمون وأقصد به الأفعال الإنسانية. والثالثة خاصية تميز أنواع الشعر وهي طريقة المحاكاة.
وهذا ما لامسناه في الفصل الثاني:
يقدم أرسطو أوقل طلبة أرسطو في القسم الثاني المأساة من خلال تقديم عناصرها وأجزائها، وهي الحكاية أو الأسطورة وهو أهم عنصر، كما يقدم الأشخاص، والفكر، والمقولة، والموسيقا، والمنظر المسرحي، لتأطيد أن غاية المأساة تطهير النفس من الانفعالات العنيفة.
حاوره افتراضيا: أحمد طنيش