مواضيع ذات صلة

بعد أن أُسدل الستار عن مهرجان دبا الحصن المسرحي للعروض الثنائية

تعريف بالعروض الخمسة المشاركة

مع ختام فعاليات الدورة الثامنة من مهرجان دبا الحصن المسرحي للعروض الثنائية مؤخرًا، والأثر الإيجابي والنجاح الكبير الذي حققه ويحققه المهرجان في دوراته المتتالية التي تنظمها دائرة الثقافة في الشارقة، برعاية من الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، كان من الضروري لنا، مع مواصلة المهرجان لمسيرته المشرقة في إعلاء كلمة المسرح، أن نوثق فعالياته المتعددة التي شهدتها الدورة الثامنة، التي انطلقت في 23 مايو 2025 واستمرت حتى 27 من الشهر، حيث نعرّف في مقالة اليوم بالعروض المسرحية التي شاركت فيها، على أن نتابع تسليط الضوء على مجريات الفعاليات الأخرى في مقالات قادمة.

عروض خمسة من دول عربية

انطلاقًا من الدور البنّاء الذي يلعبه المهرجان منذ انطلاقته عام 2016 في تقريب وربط الأجيال والتجارب المسرحية، وتعزيز تفاعلها وتعاونها بما يرسخ ويجدد أعمالها، ويزيدها تحققًا وتوهجًا وانتشارًا، شاركت في الدورة الثامنة خمسة عروض متميزة من الإمارات والكويت وسوريا ومصر والمغرب، سنعمل على التعريف بها تباعًا.

“17 ساعة”

افتُتح المهرجان بالعرض الإماراتي “17 ساعة” لفرقة مسرح الشارقة الوطني، إعداد وإخراج: عبد الله محمد آل علي، بحضور عبد الله العويس، رئيس دائرة الثقافة رئيس المهرجان، وأحمد بورحيمة، مدير إدارة المسرح مدير المهرجان. وقبل عرضه، تم خلال حفل الافتتاح التعريف بمخرجي العروض المشاركة، وأبرز الأنشطة التي ستشهدها الدورة الثامنة. وقد تناول عرض “17 ساعة”، من خلال أداء نصر الدين عبيدي، وسيدرا الزول، والمقتبس من نص «تخريف ثنائي» للكاتب الروماني الفرنسي يوجين يونسكو، الخلافات المستمرة بين زوجين تزوجا منذ سبع عشرة ساعة، حول تفاصيل هامشية تبدأ من أمور مثل السكر، والملح، والعسل، كاشفًا عن صراعهما الداخلي الذي يعميهما عن حرب مدمّرة تدور في محيطهما، وذلك بأسلوب كوميدي وحلول بصرية وسمعية أضفت إيقاعًا حيويًا على العرض.

“خلاص فردي”

شهد اليوم الثاني من المهرجان تقديم العرض السوري “خلاص فردي”، تأليف وإخراج سامر محمد إسماعيل، أداء محمد شمة ورغد سليم، وقد استند العرض إلى لعبة مسرحية شيقة ومباغتة طرحت سؤال: هل ما نعيشه وهم أم واقع؟ وإذا كان كذلك، ما هو الدليل؟ هي أسئلة وجودية لها علاقة أيضًا بالكتابة المسرحية تحديدًا، وسؤال: عندما يكون الكاتب في لحظة الإشراق، كيف تتبدى شخوصه؟ وهل يستطيع أن يسيطر عليها؟ وهل يمكن أن تفلت من يده؟ كل ذلك من خلال كاتب مسرحي يعاني في إيجاد نهاية لمسرحيته، تصل جودي العشرينية لتنظيف شقته، لكن تنظيفها يمتد ليطال عالمه الداخلي عبر حوارية متأرجحة بين الحلم والواقع، حيث يتبادل الكاتب وجودي الأدوار، ويصبح تأليف النص تفكيرًا بصوت عالٍ في مصائر الشخصيات.

“حياة وحلم”

وبالعرض المغربي “حياة وحلم” تابع المهرجان تقديم عروضه في اليوم الثالث، وهو لفرقة مسرح الشامات، تأليف وإخراج بوسلهام ضعيف، أداء: هند بلعولة، وسفيان نعيم. ويسلط العرض الضوء على الصدمة التي تواجه الأم سعيدة لعلالي بنت أحمد الجزيري لمرابط، حين دخول ابنها في غيبوبة بعد تغير جذري طرأ عليه خلال فترة غيابه. في محاولة يائسة لاستعادته، تلجأ إلى الحكي لتعيد إليه ذكرياته/هويته، مستوحية فكرة من فيلم سينمائي، وتتحدث إليه عن حياتها وعن شخصية أدبية مغربية أنجزت عنها رسالة دكتوراه، آملة أن يوقظ صوتها وكلماتها شيئًا بداخله ويعيده إلى وعيه وذاته الحقيقية.

“لتحضير بيضة مسلوقة”

وفي اليوم الرابع، يحضر الكاتب يوجين يونسكو مرة ثانية على يد المخرج الكويتي مصعب السالم بعرضه “لتحضير بيضة مسلوقة” لفرقة المسرح الكويتي، ومن خلال أداء: فاطمة أسد ومصطفى محمود. وفي العرض نكتشف كيف ينقلب الفعل اليومي البسيط المتمثل في شرح سيدة لطريقة تحضير بيضة مسلوقة، إلى تجسيد للكيفية التي يتم من خلالها إعداد الإنسان والتحكم فيه، ليصبح هو نفسه بيضة مسلوقة.

“بروفايل”

واختتمت مصر العروض بعرض “بروفايل” لفرقة ليالي المصري المسرحية، وهو من تأليف: د. ناهد الطحان، دراماتورجيا وإخراج إيناس المصري، أداء: مي رضا ونشوة حسن. وفيه تلتقي «ميديا»، التي صوّرتها الميثولوجيا الإغريقية امرأة قوية انتقمت من خيانة زوجها بأقسى صورة، بـ«أمينة» – بطلة ثلاثية الروائي نجيب محفوظ «بين القصرين»، و«قصر الشوق» و«السكرية» – بعد أن غدت في النص المعد لهذا العرض امرأة مصرية معاصرة، متقبلة واقعها المعيشي الصعب مع زوجها، وتكرّس حياتها لخدمته ولإعداد فيديوهات طبخ على تيك توك كوسيلة للرزق. ومن خلال لقائهما المفترض بين امرأتين تفصل بينهما قرون وحضارات، نستكشف أعماق النفس البشرية، وتأثير النشأة وتجارب التربية على اختياراتنا في الحياة.
أعقبت العروض ندوات نقدية شهدت مداخلات أثنت على العروض المتميزة من حيث الطرح والمعالجة والأداء، وناقشت الخلل الذي أصاب بعض العروض، والتي تقبّلها صناع العروض بصدر رحب، مؤكدين أن أي ملاحظة إنما تصب في خدمة هذه العروض وأصحابها، والتي قُدّمت على خشبة مسرح المركز الثقافي بدبا الحصن.

يُذكر أن مهرجان دبا الحصن للمسرح الثنائي تأسس عام 2016، ترجمة لتوجيهات حاكم الشارقة، بهدف نشر وتنويع النشاط المسرحي في الإمارة، ومد وتعزيز جسور التواصل وتبادل المعرفة بين المسرحيين الإماراتيين وأشقائهم في الوطن العربي.

أمينة عباس – دبا الحصن