مواضيع ذات صلة

صلاة عيد الأضحى لحظة روحانية في حضرة الملك

بقلم: ايمان وليب
في فجر يوم تتنفس فيه الأرض عبير التكبيرات وتخفق فيه القلوب بخشوع العيد، أطلّ على المغاربة صباح عيد الأضحى المبارك لعام 1446 هـ / 2025 م، وهو يحمل في طيّاته نفحات إيمانية عميقة، وأجواءً روحانية تنبع من أعماق التقاليد الدينية التي ما زال المغرب يحرص على صونها والاحتفاء بها.
وقد أدى صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله، صلاة عيد الأضحى صباح اليوم، في مشهد مهيب اتّسم بالسكينة والوقار. حضر الصلاة عدد من الشخصيات السامية في الدولة، من مسؤولين مدنيين وعسكريين، إلى جانب علماء، فقهاء، ومواطنين جاءوا من مختلف المدن، ليتقاسموا لحظة روحانية نادرة تعكس وحدة المغاربة خلف إمامهم وأميرهم.


المشهد لم يكن فقط أداءً لشعيرة دينية، بل كان لحظة تواصل بين القيادة والشعب، بين الروح والرسالة، وبين أرضٍ تنبض بالإيمان وملكٍ يحمل همّ الوطن في قلبه. التكبيرات صدحت في الفضاء، ووجوه الناس تشع نورًا وخشوعًا، وكأن كل مغربي في تلك اللحظة كان يقول بقلبه قبل لسانه: “الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله”.
ورغم رمزية هذه المناسبة وعراقتها، فقد شهد عيد الأضحى هذا العام قرارًا استثنائيًا بالغ الأثر والرمزية، حيث تم الإعلان عن إلغاء شعيرة الذبح الرسمية للملك، وهو التقليد الذي اعتاده المغاربة في صبيحة العيد. هذا القرار، الذي أتى في ظروف اجتماعية خاصة، قوبل بتفهم واسع من طرف المواطنين الذين رأوا فيه تعبيرًا راقيًا عن روح المسؤولية، ومراعاة للواقع الاجتماعي الذي تمر به بعض الفئات.
الإلغاء لم يُضعف من وهج العيد، بل أضفى عليه بعدًا إنسانيًا، إذ تحوّلت الأنظار من الطقس الخارجي إلى جوهر المناسبة: الطاعة، القرب من الله، والتضامن مع الضعفاء والمحتاجين. وقد أعرب الكثير من المغاربة، عبر وسائل التواصل الاجتماعي، عن تقديرهم الكبير لهذا التصرف النبيل، مؤكدين أن العيد ليس لحمًا يُوزَّع، بل روحًا تُعانق السماء.
بعد أداء الصلاة، توجه جلالة الملك بالدعاء إلى الله عز وجل، سائلاً إيّاه أن يديم على المغرب نعمة الأمن والاستقرار، وأن يرفع البلاء عن الأمة الإسلامية، وأن يتقبل من شعبه صالح الأعمال والطاعات. لحظة الدعاء تلك، رغم بساطتها، كانت من أقوى لحظات العيد: لحظة صمت خاشع يتلوها رجاء، ويتردد فيها صوت الوطن في القلوب.
وهكذا، يُثبت المغرب من جديد أن عيد الأضحى ليس مجرد طقس شعبي، بل مناسبة وطنية ذات بُعد ديني وروحي عميق، تتجلى فيها معاني التراحم، والسكينة، والرباط الوثيق بين الشعب وقيادته. وإن كان العيد موسمًا للفرح، فإنه أيضًا موعد للوقفة مع النفس، وللعودة إلى الله بقلبٍ طاهر، ولسانٍ شاكر، ونيةٍ صافية.