مواضيع ذات صلة

تحيين الاستراتيجيات لنكون ابناء زمننا

اسماعيل عبد الله

أخذ مكانه ومكانته العمل الاستراتيجي على كافة مستويات في عمل الهيئة العربية للمسرح منذ عام 2011، فكانت الاستراتيجية العربية للتنمية المسرحية، والتي ظهرت وبدأ العمل بها في أواخر 2012، وتلتها عام 2014 استراتيجية تنمية وتطوير المسرح المدرسي في الوطن العربي التي ظهرت وبدأ العمل بها في مايو 2015، وهذه الأخيرة وضعت برامج عمل لعشر سنوات كان المركز فيها عمليات التدريب والتأهيل للفرق المحورية الوطنية العربية، وتدريب المنشطين والمنشطات، ضمن خطط عمل تنوعت وتناسلت عنقودياً فشمل التدريب آلاف الكوادر التعليمية في معظم الدول العربية، إضافة للتجربة الفاصلة في وضع وتصميم أول منهاج مسرح للطالب في الصفوف من 1 إلى 12 بالتعاون مع وزارة التربية والتعليم الإماراتية عام 2018، ولم يتوقف الأمر عند وضع هذا البرنامج، بل تعداه إلى مراجعته وتدقيقه وتطويره بعد ثلاث سنوات من تطبيقه، مما يجعل من هذا المنهاج منجزاً غير مسبوق على المستوى العربي و الدولي، وفي ذات الوقت ظل سعي الهيئة والعمل لتعميق الوعي بأهمية المسرح المدرسي علماً وفناً، منهجاً ونشاطاً، فكان الاعتماد الهام من وزاراء التربية والتعليم العرب للاستراتيجية التي وضعتها الهيئة كإطار عربي مشترك لتنمية المسرح المدرسي عام 2021، ليأتي الاعتماد الثاني عام 2023 باعتبار المسرح المدرسي عاملاً مهماً في تطوير المناهج المدرسية وتحولاتها.
إذن هي عشر سنوات من العمل الجاد والإنجاز ما بين 2015 و2025، لكن العمل الاستراتيجي يتوجب التفكير الاستراتيجي، ومن هنا نظمت الهيئة العربية للمسرح اجتماعاً لمجموعة من الخبراء العرب من أجل تحيين الاستراتيجية في نهاية عقدها الأول لنستشرف بها ومن خلال برامجها الجديدة عقداً آخر نثق كل الثقة أن المسرح في المدرسة العربية سيكون له شأن آخر أعظم وأكثر حضوراً خلاله، فلماذا التحيين؟
يأتي التحيين استجابة للأسئلة الجديدة التي يطرحها عصر بات يتغير ويتطور بسرعة غير مسبوقة، وينعكس هذا التغيير والتطوير على كافة مناحي العملية المدرسية والتدريسية، تحيين ينظر بعمق لتلك التحولات التي تجري على مفهوم الطفولة واليفاعة، على مواصفات الطالب في زمن الذكاء الصناعي، هذا الزمن الذي يختصر زمن تشكيل الوعي أو تغييبه على حد سواء، والمسرح هذا الأسطوري دوماً يستوعب كل التحولات التي شهدتها الإنسانية، فكان لا بد من التحيين، بمعنى عصرنة المضمون وآليات العمل.
لنكون أبناء زمننا، ولنكون مستشرفين لزمننا القادم، لا بد أن نعيد إنتاج الأفكار والخطط، لا بد أن نعيد بناء الاستراتيجيات، فالحياة لا تقيم في منازل الإمس، لكنها ابنة تلك المنازل، لذا نمنح الاستراتيجية زمنا جديداً ونمضي إلى الأمام.

افتتاحية العدد 43 من #مجلةالمسرحالعربي #الهيئةالعربيةللمسرح