نطل اليوم على أهم نظرية واتجاه في مجال الاقتصادي والاجتماعي، من الفلسفة الماركسية، وسنحاول أن نطل على فلسفات ونظريات أخرى..
MA5TV الثقافية
تُعَدّ الماركسية واحدة من أبرز الفلسفات والنظريات الاقتصادية والاجتماعية التي ظهرت في التاريخ الحديث، تقوم على أسس تحليلية واقعية تهدف إلى فهم وتفسير التغيرات والتطورات التي يشهدها المجتمع البشري، فهي تقدم قراءة ملموسة لواقع ملموس، وهذا ما يجعلها ذات أهمية كبيرة في دراسة التاريخ والسياسة والاقتصاد.
* المادية التاريخية:
تركز الماركسية على فكرة أن التاريخ البشري محكوم بالأسس المادية والإنتاجية للمجتمع، ويُطلق على هذا التصور “المادية التاريخية”. يرى ماركس أن القوى الاقتصادية هي المحرك الأساسي للتغيير الاجتماعي؛ ووفقاً لهذه الرؤية، يتكون المجتمع من بنيتين: البنية التحتية وهي تشمل القوى والعلاقات الإنتاجية كالاقتصاد والبنيات المادية كوسائل الإنتاج والتكنولوجيا؛ والبنية الفوقية وهي تشمل كل ما ينبثق عن البنية التحتية من مؤسسات سياسية وقانونية وثقافية. كل تغير في البنية التحتية يؤدي إلى تغيرات في البنية الفوقية، ما يؤدي إلى التطور والتغير المستمرين في المجتمعات.
* الدياليكتيك المادي:
استعار ماركس مفهوم الدياليكتيك من هيغل، لكنه قلبه رأساً على عقب. ركز هيغل على تطور الأفكار، بينما ركز ماركس على تطور الواقع المادي. الدياليكتيك المادي يفسر كيف تقدمَ التاريخ من خلال صراع الطبقات. تتصاعد التناقضات الداخلية في النظام الاقتصادي، بين الطبقة المالكة لوسائل الإنتاج (البرجوازية) والطبقة الكادحة (البروليتاريا)، مما يؤدي إلى أزمات وصراعات تقود في النهاية إلى تغيير النظام الاجتماعي.
* الثورة البروليتارية:
تنبأت الماركسية بأزمات اقتصادية حادة تنتجها التناقضات الموجودة في النظام الرأسمالي، ما سيجعل الوضع غير محتمل بالنسبة للطبقات الكادحة، ويدفعها إلى الثورة. يعتقد ماركس أن هذه الثورة البروليتارية هي وسيلة الانتقال من الرأسمالية إلى الاشتراكية، ليتم إلغاء الملكية الخاصة لوسائل الإنتاج، وتحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية.
* الحتمية التاريخية:
تُعتبر الحتمية التاريخية واحدة من الركائز الأساسية في الفكر الماركسي، مفهوم يؤكد على أن التطورات التاريخية والاجتماعية تتبع مساراً حتمياً ناتجاً عن القوانين الاقتصادية والاجتماعية، ويُفسر كيف أن التغيرات الاقتصادية تُفضي إلى تغيرات في المجتمع ككل؛ فيبدو وكأن مسار التاريخ يتبع قوانين طبيعية معينة. واجه مفهوم الحتمية التاريخية إنتقادات عديدة، أبرزها أن التاريخ لا يسير دائماً بخط مستقيم وفقاً لقوانين محددة، بل يمكن أن يكون عشوائياً؛ كما أن بعض المجتمعات لم تتبع المسار الذي توقعه ماركس، وهنا إشارة إلى وجود عوامل أخرى تؤثر في التطور التاريخي والاجتماعي.
* خلاصة:
لا تزال الماركسية تحتفظ بأهمية كبيرة في تحليل المجتمعات الحديثة، رغم التغيرات الكبيرة التي شهدها العالم منذ زمن ماركس. رغم الانتقادات والمواقف المعادية، لا زالت أدوات التحليل الماركسي تُستخدم لفهم التفاوتات الاقتصادية والاجتماعية والصراعات الطبقية المستمرة في العالم المعاصر، وتقدم إطاراً لفهم كيف تؤثر القوى الاقتصادية على الحياة الاجتماعية والسياسية، ولا زالت تدعو إلى التغيير الاجتماعي وتحقيق مجتمع العدالة والمساواة.