يصل شيخ الاحتفالية إلى النبش رقم 74 وهو يسائل الاحتفالية إبداعا ونقدا وتداولا وقبولا ورفضا وجدلا ومنهج حياة وإبداع، هذا ونعتز أننا شاهدي مرحلة، وننتمي لهذه المدرسة الإبداعية، التي عايشنا زخمها وعاشنا الشيخ والمريد.. ونعتز أن الدكتور عبد الكريم برشيد الأستاذ الذي رقانا إلى درجة أصدقائه، رخص لنا أن ننشر هذه النبش والتوثيق والرصد، في منبرنا الالكتروني MA5TV الثقافية.
فاتحة الكلام: هذا النفس الجديد، من هذه الكتابة الاحتفالية المجددة والمتجددة، أهديه لروح أم أخينا وصديقنا ورفيقنا الدكتور محمد الوادي، والذي هو أحد الذين بنوا الفكر الاحتفالي، والذين آغنوا الخزانة المسرحية المغربية والعربية، وذلك بالنصوص المسرحية الغنية بالمضامين الفكرية، والتي تنطق أفكاره بالمعاني الإنسانية الجميلة، والتي تحتفي بالحياة و بجماليات الحياة..
كان الله معك صديقنا، ورحم الله الوالدة الفاضلة، ولا اراكم الله مكروها بعد اليوم ..
ونحن بدورنا في MA5TV الثقافية، نقدم العزاء للأخ والصديق، الدكتور محمد الوادي..
مع الرصد والنبش البرشيدي: في ذلك الزمان السبعيني الذي كان، والذي قد نتخيل بانه قد مضى، ودائما على مسرح هذا الوجود القديم ـ الجديد، والذي بقيت لنا منه اليوم ذكرياته وتبعاته وظلاله واشباحه المخيفة والمرعبة، وذلك في كثير من العقول المهزوزة، وفي كثير من النفوس المعطوبة، وفي كثير من الكتابات التي لم تدرك بعد معنى دور الكاتب ودور الكتابة، والتي فاتها ان تفهم قانون الحياة، وان تدرك بان التاريخ الإنساني الحديث قد أسقط كثيرا من الأصنام ومن الأوثان ومن الخرافات ومن الأساطير الجديدة
وما كان بالأمس القريب نبوءة متنبئين تبين اليوم انها مجرد افتراء على الحقيقة وعلى التاريخ وعلى الحق في الوجود وفي الحياة، وعلى الحق في الحرية الشخصية، والتي هي بالتاكيد جزء اساسي وحيوي من حرية الجماعات و المجتمعات
اليوم تنتهي كل اوهام واحلام وشطحات ما كان يسمى بالمادية التاريخية، والتي حملت افكارا موغلة في المثالية، ولكن بقناع المادية، وكانت حركة ميكانيكية في التاريخ، ولكن بقناع الجدلية، وكانت دعوة وحشية، ولكن بقناع الإنسانية، وكانت تفكيرا نخوريا متعاليا على الواقع وعلى الناس، ولكن بقناع الشعبوية، وكانت دينا جديدا يزعم ان الدين افيون الشعوب
وكثير من العقول ومن النفوس صعب عليها ان ندرك اليوم الحقيقة البسيطة التالية، وهي ان الزمان قد تغير، الى الأمام طبعا، وإلى الأعلى ايضا، وبان هذا العالم قد اصبح يمشي وبمشي، وبسرعة خيالية، نحو الحرية والتحرر، ونحن الإنسان و الإنسانية، و نحو المدينة و المدنية، ونحن العيد و العيدية، ونحن الاحتفال و الاحتفالية، ونحن الجمال والجمالية، ونحن الحق رالحقيقة
وهناك من السياسيين ومن الكتاب ومن المسرحيين من لازال يعيش اليوم الأمس بروح الأمس و بعقل الأمس، ومازال لم يصدق بان جدار برلين قد سقط فعلا، تماما كما بشرت بذلك احتفالية (الناس و الحجارة) والتي كتبت سنة 1976 والتي كانت صرخة ضد الحجارة، سواء أكانت هذه الحجارة في الحدود الجغرافية، او في الإدارات، او في السجون و المنافي، او في الأيديولوجيا او في العقليات او في الشعارات او في النبوءات الكاذبة
ومتى يفهم بعض محترفي الصراخ الببغائي بالهتافات الفارغة وبالعبارات الكاذبة، ان ذلك الذي كان يسمى، في زمن من الأزمان، بالاتحاد السوفياتي قد ابتلعته امواج التاريخ العاتية والعالية، وانه قد اصبح اليوم مجرد ذكرى مؤلمة و موجعة، و بانه قد اختفى في لمح البصر، لأنه كان الوجه الآخر للنازية الألمانية و الفاشية الإيطالية، وان الدعوة إلى الكونية كانت حجة لاستعمار واستحمار العالم، وذلك تحت شعار تحرير الإنسان وتحرير الانسانية
وفي ذلك الزمان، كان شرط الفن، بالنسبة للنقد، هو ان يكون نضالا شرسا، وان يكون فتوحات دنكشوتية، وان يكون ابداع الفنان ثوريا بالضروة، وان يكون سياسيا وحزبيا، وان يكون تمردا فوضويا و عبثيا، ولقد كان الفنان (ملزما) بان يكون ملتزما، او على الأقل بان يقول بانه ملتزم في كتاباته وفي حياته وفي علاقاته، وبان اغنيته التي يغنيها ملتزمة، وبان قصيدته الشعرية التي ينظمها ملتزمة، وبان مسرحيته التي يكتبها ملتزمة