MA5TV الثقافية
الكتاب يتناول ما نشهده اليوم من تطور غير مسبوق للعلم يرافقه انهيار دراماتيكي للثقافة، ونشهد مرحل يتباعد فيها العلم عن الثقافة في مواجهة وجودية حتى الموت، وذلك للمرّة الأولى في تاريخ الإنسانية، نلاحظ انفجار علمي مقابل خراب الانسان.
لا ينادي الكاتب بزوال العلم إنما بزوال الأيديولوجيا المرافقة له بعدما صار العلم همجيةً منذ اللحظة التي نفي منه بعده الثقافي والحضاري وخدمة الإنسانية بالأساس وليس إلغائها. يستحضر الكتاب تأملات فلسفية ليُعيد الحياة إلى الوثبة الأولى للعلم مبيّناً الفعل الثقافي المؤسِّس له. ومواجهة الهمجية التي تخترق مجتمعنا وتؤدي إلى تدميره: تضع أطروحة الكتاب: هل يمكن التغلّب على هذه الهمجية؟ هل مجتمع بلا ثقافة ممكن؟
لقد أصبح العلم في يومنا هذا هو العلم الرياضي للطبيعة الذي يستبعد الحساسية، وهذا الاستبعاد للحساسية يعني استبعاد الحياة، فمثلًا إذا كان العلم يستطيع أن يقيس المساحة التي يشغلها لون من الألوان ويقدر كثافة هذا اللون بناءً على النظريات الفيزيائية، فإنه يغفل عن كينونة الحساسية في اللون، ومن ثمَّ فإن العلم يختزل كينونة الإحساس في مجرد الحركات المادية التي ترتبط معرفتها بعلم الفيزياء، هذا رغم أنه لا توجد أيّة علاقة بين الحركات المادية وبين الكينونة الفعلية للإحساس،لأن الإحساس كما الحياة يحس بذاته ويخبر بها، وهو ما تفتقر إليه أساسًا الحركات المادية والجسيمات والجزيئات، لذا فإن ما يستبعده العلم في الأصل هو الحياة، فهو يُقصي الحياة ويتنكَّر لها بناءً على اختزالها إلى عالم الموضوعات المثالية والتجريدات الفيزيائية الرياضية، مدعيًا أن الخواص المحسوسة في هذا العالم هي خواص العلم وتنتمي إليه وحده، ومن ثمَّ صار العلم يتصرَّف كما لو كان وحيدًا يُملي قانونه على العالم مستبعدًا أي معرفة أخرى.