مواضيع ذات صلة

الصيف، بين وهج المتعة ونبض الثقافة

بقلم: فاطمة الزهراء سهلاوي

مع حلول أجواء فصل الصيف، لا ترتفع درجات الحرارة فقط، بل ترتفع معها وتيرة الحركة الثقافية في مختلف المدن والمناطق، حيث يتحول الصيف إلى أجواء موسمية زاخرة بالأنشطة الفنية والتراثية خاصة، والتي تعكس تمازج الإنسان مع الطبيعة، وارتباطه بالاحتفال والفرح، وعلاقته مع الثقافة المفتوحة على الفضاء العام.
يعتبر الصيف ظاهرة ثقافية تعيد تشكيل العلاقة بين الناس والمكان والزمن. عبر مختلف الأنشطة، من الشواطئ إلى الجبال، ومن المدن العتيقة إلى الساحات العامة، ينبض الصيف بروح التجمعات والمهرجانات التي تحيي الذاكرة الجماعية وتكرّس الانتماء الوطني والعروبي .
ارتبط الصيف بموسم المهرجانات والاحتفاء بالتراث التي تعيشها المدن المغربية وغيرها من العواصم الثقافية صيفًا مميزًا، حيث تُنظّم مهرجانات للموسيقى الشعبية، والعروض المسرحية في الهواء الطلق، ولقاءات الشعر والفكر التي تجمع المثقفين من مختلف المشارب. كذلك تتحول الساحات إلى مسارح مفتوحة تروّج للثقافة وتنعش السياحة الداخلية والخارجية.
الصيف كذاكرة جماعية يرتبط بالمخيال الشعبي بذكريات الطفولة، والعطل المدرسية، وزيارات العائلة للقرى أو المدن الساحلية. إنه موسم الذكريات الحية التي توثقها الصور والروائح والأصوات و المأكولات. كما يلهم الكتّاب والفنانين، فيظهر في الرواية والقصيدة واللوحة التشكيلية باعتبار الصيف وقفة حرة بحرية الاختيار حيث يتحرّر الناس في الصيف من روتين العمل والدراسة وما هو رسمي، ما يمنحهم مساحة أكبر للتواصل، سواء في اللقاءات العائلية أو الفعاليات الثقافية أو حتى عبر السفر. إنها لحظة إنسانية تتجاوز الطقس، لتصبح مناسبة لاكتشاف الآخر، وإعادة اكتشاف الذات.
يظل الصيف أكثر من مجرد فصل في السنة. إنه فسحة زمنية للحياة، وللتعبير، وللاحتفاء بالجمال. وبين وهج الشمس ودفء اللقاءات، تنبعث الثقافة من قلب الحياة اليومية، وتتحول المدن إلى لوحات نابضة بالألوان والإبداع.