مواضيع ذات صلة

ملتقى الكتاب السوريين ترميم العلاقة بين المثقف ومؤسسات بلده

أمينة عباس – دمشق

بعد عدة أيام أدبية وثقافية متنوعة، حضنتها المكتبة الوطنية بدمشق وشارك فيها نخبة من الكتّاب والمثقفين السوريين، تختتم مساء اليوم الأربعاء 30/7 فعاليات “ملتقى الكتاب السوريين” الذي يُقام برعاية وزارة الثقافة وبالتعاون مع اتحاد الكتاب العرب. وقد لخّصت كلمة وزير الثقافة السوري د. محمد ياسين الصالح، وكلمة د. طه العثمان رئيس اتحاد الكتاب العرب في افتتاح الملتقى، أهمية هذا الملتقى، حين قال وزير الثقافة: “إننا اليوم في وزارة الثقافة، لا نؤمن أن واجبنا إقامة النشاطات فقط، بل نؤمن أن كل قصيدة تُكتب، وكل معرض يُفتتح، وكل تمثال يُنحَت، وكل طفل يتعلم أن يحب القراءة، هو لبنة في جدار الوطن، فالدول تُهزم حين تُهزم ثقافيًا، وتُولد من جديد حين ينهض كُتّابها ومفكروها وفنانوها من بين الركام.. إن الثقافة السورية كانت دومًا عصيّة على الهزيمة، وبدت الحياة الثقافية السورية، بشخوصها وتراثهم الفكري والإبداعي، بمثابة فعلٍ مقاوم في الداخل وفي المنافي.. إنّ الثقافة السورية ليست إرثًا فحسب، بل مشروع وجود، وحتى تنجو وتتشكّل الهوية، لا بدّ من تكامل مع كل مؤسسات الدولة”.


الثقافة أمنٌ سياديّ

ورأى الوزير أنه في الأزمنة المضطربة، يتوهم بعض الناس أن الثقافة ترفٌ يمكن تأجيله، لكن الحقيقة المثبتة تاريخيًا: “أنّها أمنٌ سياديّ، لا تحمي الهوية فحسب، بل تمنح الشعوب أسبابًا للتماسك، وللصمود، وأبعادًا وجودية للمعنى. وإنّ المدافع عن وطنه يعي تاريخه، ويقرأ لغته، ويعرف من هو، ليس كمَنْ يُقاد من دون وعي أو جذور. بلدنا علّم الدنيا كيف يُنقش الحرف، ويُقرأ الشعر، وتُكتب الموسيقا، لأنّنا أبناء أوغاريت، وورثة جداريات تدمر، وحَفَظَةُ تراتيل معلولا، وخطبة عمر بن عبد العزيز في الجامع الأموي. لذلك، فإنّ الدفاع عن الثقافة دفاع عن سوريا نفسها”.

خطــــــة طــــــــــريق

أما د. محمد طه العثمان، رئيس اتحاد الكتّاب العرب، فقد بيّن قائلًا: “إنّ التعاون المثمر مع وزارة الثقافة يستند إلى الإرادة الفعلية في ترميم العلاقة بين المثقف الحقيقي ومؤسسات بلده، والاحتفال بكُتّاب حقيقيين، يجيدون كتابة الإنسان، لم يعلقوا أقلامهم على مشاجب السلطة والولاءات، بل عاشوها في جراح الناس وأحلامهم، بعيدًا عن زيف المظاهر وبريق الألقاب المستعارة، ومن احتكروا المشهد الثقافي دهورًا، بسلطة لا تشبه الثقافة في شيء، ولا تنتمي إلى الإبداع بروحه ومعناه.. إنّ حرية التعبير ليست عطاءً نمنّ به على المبدعين، لأنها بالأصل شرط وجودهم، والعمل لرسم خطة طريق تقوم على العدالة الإبداعية، ممن يملك الموهبة، ويحمل الهمّ الوطني، وينتمي حقًا إلى البلد وأهله، فالوطن ليس خريطة معلّقة، ولا شعارًا نردّده، بل قصيدة تُروى من شريان صاحبها كي لا تموت. فلنكن بقدر الحلم ولنفتح نوافذ الإبداع على مصراعيها، لنعطّرها بمِسك الأقلام”.


برنامجًا منوعًا

شهدت أيام الملتقى برنامجًا متنوعًا ضمّ أمسيات شعرية وقصصية، شارك فيها شعراء وقاصّون من مختلف الأجيال، تناولوا من خلال قصائدهم وقصصهم موضوعات إنسانية ووطنية، وطافوا بها حول الحب والحياة والوطن. يقول أ. حسن قنطار، رئيس تحرير صحيفة “الأسبوع الأدبي”، وهو الذي شارك في الملتقى كشاعر: “الملتقى محاولة لفتح الباب على مصراعيه للحب والالتفاف والوطنية، من أجل جمع شتات المثقفين والأدباء، ولترميم آلامنا، وجمع قلوبنا، وتطييب جراحنا على الأرض السورية. وأنا كشاعر شاركت في الملتقى، وكانت كلمات قصائدي التي ألقيتها كلمات جامعة على الحب والتوحد، بعيدًا عن الطائفية التي لا تبني وطنًا”.


ندوات أدبية وثقافية وفكرية


تضمّن الملتقى أيضًا عقد عدّة ندوات أدبية وثقافية وفكرية: “شعر الشتات السوري بين الذات، حوار الثقافات، الكتابة النسوية في الأدب السوري، قراءة تاريخية في أسماء المدن السورية، الكاتب والسلطة، الغزو الفكري في أدب الطفل، الهوية الثقافية السورية، أثر الكاتب السياسي في المهجر، الثقافة السورية بين الماضي والحاضر، علاقة الكاتب مع السلطة، بين الشعر والقصة، من رجالات دمشق”.
يُذكر أن الملتقى يختتم فعالياته مساء اليوم بجلسة ختامية وتكريم المشاركين فيه.