أمينة عباس – دمشق
لا يمكن الحديث عن الحركة التشكيلية السورية المعاصرة دون التوقف عند اسم الناقد التشكيلي طارق الشريف، الذي حظي بشهرة كبيرة توازي في كثير من الأحيان شهرة بعض الفنانين التشكيليين الكبار في سورية، بحضوره الحيوي والمؤثر في حركة التشكيل السوري على الصعيد العملي الميداني، أو على الصعيد النظري التحليلي والتوثيقي على مدار سنوات. وكان في مقدمة الذين تفرغوا للكتابة حول شؤون وشجون هذا الفن، إضافة إلى عمله في مفاصله الرئيسة مدة تزيد على أربعين عاماً، ليصبح اسمه جزءًا من المشهد التشكيلي السوري، فاستحق عن جدارة لقب ذاكرة الفن التشكيلي السوري المعاصر، والكاتب العصري والموسوعي في الفن والجمال والنحت والغرافيك والحياة والحداثة المعاصرة.

أهم النقاد التشكيليين العرب
على الرغم من أن طارق الشريف لم يدرس النقد أكاديمياً، لكنه كان من أهم النقاد التشكيليين العرب. تجمع كل آراء النقاد والفنانين على أن الناقد طارق الشريف كان يجمع إلى سعة الثقافة والاطلاع، ورجاحة العقل: بساطة في الطبع، ولينًا في المعاملة، وتواضعًا ليس له حدود. كما كان دؤوبًا، شغوفًا، ونقيًا بعمله، وحازمًا في أمره، دون مواربة أو تضليل، حيث تميزت كتاباته بحيادية نقدية عالية، وعلى تقديم نص موازٍ للوحة، دون أن ينحاز إلا إلى الجمال وقيمته الحقيقية، على مدى ما يقارب أكثر من خمسة وأربعين عاماً من العمل الدؤوب والمتواصل. وقد كتب في الفن يوم كان الفن التشكيلي ظلاً باهتاً للثقافة السورية، فكان مسجلاً وموثقاً ومتابعاً للتحولات الفكرية والإبداعية عصراً بعصر.
النقد الفني ليس قوالب جاهزة
عرف طارق الشريف النقد الفني بأنه “فن الحكم على الأعمال الفنية”، وهذا الفن يحتاج إلى قدرة على الرؤية السليمة للأعمال، وقدرة على الحكم عليها بالاستناد إلى موقف يملكه الناقد ويحكم بموجبه عليها. وهذا يتطلب أن يمتلك الناقد – من أجل قراءة سليمة للعمل الفني – تذوقًا مقارَنًا، وثقافة واسعة تشمل المعارف العلمية والفلسفية والسياسية والاجتماعية والتقنية. أما وظيفة النقد فهي توصيل ما قاله الفنان بلغة الخط واللون إلى المتلقي بلغة المخاطبة والكتابة، ولأجل هذا يجب على الناقد أن يكون قادرًا على التوصيل السليم بأبسط الطرق وأكثرها صلة بالآخرين.”
وعن مسؤولية الفنان العربي في ظل الواقع العالمي الراهن يقول: “إن عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعل هذا التراث غريبًا عنا، وعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصيلة. فالمرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود، فالفن التشكيلي ازداد أصالةً حين اكتشف نفسه في تراثه العربي، وهو سلاح من أسلحة المعركة مع العدو، لأنه يدافع عن الأمة حضاريًا وفكريًا، ويثبت وجودها المستمر، ويؤكد على حاجتنا الدائبة إلى أن نكون مبدعين، وأن يكون هذا الإبداع أصيلاً، على صلة بالأرض والتراث والناس. من هنا فإن النقد الفني ليس قوالب جاهزة مستوردة من الأحكام، وليس نقلاً لمفاهيم فنية ونقدية عالمية علينا الخضوع لها، وإنما على النقد العربي أن ينطلق من المفاهيم والمنطلقات التي تخدم قضايانا، وله من التوجهات ما يساعد على بلورة فننا وتقديمه إلى العالم، وله من الرؤية المنبثقة من واقع الأمة العربية، ومن الإشكالات التي تعيشها. ولذلك، فالنقد الفني العربي يجب أن يحمل المبادئ والأهداف المرتبطة جوهريًا بالأهداف والمبادئ التي نحملها”.

إرثًا حافلًا
بعد رحيله عام 2013، ترك إرثًا حافلًا من الكتابات الفنية النقدية والتوثيقية الجادة التي تعكس بشكل حقيقي واقع التشكيلي السوري، والتي ما زالت حتى اليوم المرجع الأساس للدارسين والباحثين في سورية والوطن العربي. ومن مؤلفاته نذكر: عشرون فنانًا من سوريا، 1972، الفنان بول سيزان، 1975، الفن واللافن، 1983، التشكيل العربي وتأصيل الهوية – بينالي الشارقة الدولي 1993، الفن التشكيلي في سوريا – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / تونس 1997. أسهم في تأليف كتاب: الفن التشكيلي المعاصر.. دراسة عن 50 فنانًا باللغة العربية والإنجليزية، 1998. أسهم في تدقيق ومراجعة كاملة لمعجم المصطلحات الفنية “عربي – إنكليزي – فرنسي”، 1999 – مكتب التعريب – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / المغرب، والعديد من الكتب التي يصعب حصرها.
مؤسس وفاعل
لعب الشريف دورًا بارزًا وفاعلًا على الصعيد العملي الميداني في الحركة الفنية التشكيلية السورية المعاصرة، حيث تسلم إدارة مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية 1963 – 1978، ومدير الفنون الجميلة في وزارة الثقافة 1980 – 2000، وأسس وتسلم رئاسة تحرير مجلة الحياة التشكيلية 1980 – 2000، وعضو مؤسس في نقابة الفنون الجميلة 1970، وعضو مؤسس في نادي التصوير الضوئي 1982.
يُذكر أن طارق الشريف من مواليد دمشق عام 1935، نال في عام 1959 درجة الإجازة في “الفلسفة”، وله مئات المقالات والدراسات المنشورة في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية منذ الستينيات، نظم العديد من المعارض الدورية، وأشرف على تظاهرات وندوات ومهرجانات فنية كثيرة، وشارك في لجان التحكيم داخل سورية وخارجها، ونال عدة براءات تقدير. رحل عام 2013.
وعن مسؤولية الفنان العربي في ظل الواقع العالمي الراهن يقول: “إن عدم وعينا لأهمية تراثنا سيجعل هذا التراث غريبًا عنا، وعدم القراءة الجديدة له عبر واقعنا الراهن سيفسح المجال أمام التشويه المضر بمستقبلنا الإبداعي وبهويتنا الأصيلة. فالمرحلة الراهنة للأمة العربية تتميز بوجود غزو ثقافي يستهدف الوجود، فالفن التشكيلي ازداد أصالةً حين اكتشف نفسه في تراثه العربي، وهو سلاح من أسلحة المعركة مع العدو، لأنه يدافع عن الأمة حضاريًا وفكريًا، ويثبت وجودها المستمر، ويؤكد على حاجتنا الدائبة إلى أن نكون مبدعين، وأن يكون هذا الإبداع أصيلاً، على صلة بالأرض والتراث والناس. من هنا فإن النقد الفني ليس قوالب جاهزة مستوردة من الأحكام، وليس نقلاً لمفاهيم فنية ونقدية عالمية علينا الخضوع لها، وإنما على النقد العربي أن ينطلق من المفاهيم والمنطلقات التي تخدم قضايانا، وله من التوجهات ما يساعد على بلورة فننا وتقديمه إلى العالم، وله من الرؤية المنبثقة من واقع الأمة العربية، ومن الإشكالات التي تعيشها. ولذلك، فالنقد الفني العربي يجب أن يحمل المبادئ والأهداف المرتبطة جوهريًا بالأهداف والمبادئ التي نحملها”.
إرثًا حافلًا
بعد رحيله عام 2013، ترك إرثًا حافلًا من الكتابات الفنية النقدية والتوثيقية الجادة التي تعكس بشكل حقيقي واقع التشكيلي السوري، والتي ما زالت حتى اليوم المرجع الأساس للدارسين والباحثين في سورية والوطن العربي. ومن مؤلفاته نذكر: عشرون فنانًا من سوريا، 1972، الفنان بول سيزان، 1975، الفن واللافن، 1983، التشكيل العربي وتأصيل الهوية – بينالي الشارقة الدولي 1993، الفن التشكيلي في سوريا – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / تونس 1997. أسهم في تأليف كتاب: الفن التشكيلي المعاصر.. دراسة عن 50 فنانًا باللغة العربية والإنجليزية، 1998. أسهم في تدقيق ومراجعة كاملة لمعجم المصطلحات الفنية “عربي – إنكليزي – فرنسي”، 1999 – مكتب التعريب – المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم / المغرب، والعديد من الكتب التي يصعب حصرها.
مؤسس وفاعل
لعب الشريف دورًا بارزًا وفاعلًا على الصعيد العملي الميداني في الحركة الفنية التشكيلية السورية المعاصرة، حيث تسلم إدارة مركز أدهم إسماعيل للفنون التشكيلية 1963 – 1978، ومدير الفنون الجميلة في وزارة الثقافة 1980 – 2000، وأسس وتسلم رئاسة تحرير مجلة الحياة التشكيلية 1980 – 2000، وعضو مؤسس في نقابة الفنون الجميلة 1970، وعضو مؤسس في نادي التصوير الضوئي 1982.
يُذكر أن طارق الشريف من مواليد دمشق عام 1935، نال في عام 1959 درجة الإجازة في “الفلسفة”، وله مئات المقالات والدراسات المنشورة في عدد من الصحف والمجلات المحلية والعربية منذ الستينيات، نظم العديد من المعارض الدورية، وأشرف على تظاهرات وندوات ومهرجانات فنية كثيرة، وشارك في لجان التحكيم داخل سورية وخارجها، ونال عدة براءات تقدير. رحل عام 2013.