الفنانة المغربية الشابة هدى بنجلون في معرضها الخامس ..
أديب مخزوم ـ فنان وناقد تشكيلي
يطل التشكيل الشطرنجي والمخلوقات الخرافية والأسطورية والسوريالية وغيرها، في معرض الفنانة المغربية الشابة هدى بنجلون الخامس ، الذي أفتتح مؤخرا, تحت عنوان ( أسود وأبيض ـ ألوان متقاطعة ) في رواق محمد الفاسي بوزارة الثقافة بمدينة الرباط ، متضمنا 34 لوحة بقياسات كبيرة ومتوسطة، تأتي كرموز لأحلام مستعادة أو ليقظة غرائبية، وبأداء عفوي لا يتقيد بأصول وقواعد ومعادلات، وتشكل بانوراما الرموز والهواجس الفامضة والخفية في خطوات تصويرها سحر الرؤى الغرائبية .
هكذا يمكننا الاقتراب من عوالم لوحات هدى بنجلون، السابقة والجديدة، وتفهم معاني قصيدتها السحرية المسكونة في تداعيات رؤى اللاشعور السوريالي، التي جاءت كردة فعل ضد النزعات العبثية والدادائية والتركيبية وغيرها . ولهذا جاءت أعمالها أكثر ميلاً نحو التجسيد الذي يعتمد هذه المرة طريقة إظهار الرؤى باستخدام الأسود والأبيض وتدرجاتهما، برؤية بصرية تتدرج فيها الإضاءة داخل الأشكال المرسومة، بالإضافة إلى تقديمها ملامس لونية ناعمة في تجسيد الأشكال وإبراز رصانة الرسم في معالجة التفاصيل الصغيرة والدقيقة .
وهي تبحث في التقنيات المغايرة لطريقة استخدام اللون، الذي أعتمدته في معارضها السابقة ، حيث الاختزال والإيحاء والإنفلات نحو الحلم المطلق الباعث على الحيرة والتأمل والدهشة . أي أنها لا تزال تعتمد تقنيات معاكسة للكلاسيكية في خطوات توليف عناصرها السوريالية.
والأشكال السوريالية في لوحاتها شكلت عودة إلى أجواء ميثولوجية سحرية شرقية، حين كان الإنسان البدائي، في الشرق القديم يختصر معاني الحياة والوجود برؤى اسطورية خرافية، وهذا الانفتاح على الأشكال والرؤى الغرائبية الخارقة، هو الذي جعلها تذهب إلى تخييل شكلي يصل بالحركة البصرية إلى بهلوانية غريبة، وبالتكوينات إلى أسطورية تتهافت بصورة سحرية على سطح اللوحة.
هكذا تشكل لوحات هدى بنجلون مدخلاً لاستشفاف جوهر الرسم السوريالي أو الخيالي، الأكثر غموضاً وغرابة في رموزه وعلاماته ودلالاته السحرية والأسطورية . فالهاجس التشكيلي الحديث المشحون بالغرابة يطل عبر بانوراما أشكالها الخيالية، ويتنوع ويتداخل، في خطوات البحث عن إيقاعات تشكيلية جديدة فرضتها وبشكل غير مباشر، أحلامها وتخيلاتها ، وما ترسخ في وجدانها من مشاهدات وحكايات وقصص خيالية وأسطورية.
والأشكال السوريالية في لوحاتها شكلت عودة إلى أجواء ميثولوجية سحرية شرقية أقدم من ألف ليلة وليلة، حين كان الإنسان البدائي، يختصر معاني الحياة والوجود برؤى اسطورية خرافية، وهذا الانفتاح على الأشكال الغرائبية، هو الذي جعلها تذهب إلى تخييل شكلي يصل بالحركة البصرية إلى بهلوانية غريبة، وبالتكوينات إلى أسطورية تتهافت بصورة سحرية على سطح اللوحة.
هكذا ترسم باضفاء المزيد من الدراية العقلانية والتقنية على عناصرها السوريالية والهندسية، وتبدو مولعة برسم رؤى الأحلام بلوحات متوسطة وكبيرة، وتحمل الذاكرة إلى رؤى حلمية قادمة من معطيات اللاشعور السوريالي ، بكل ما فيها من تفاصيل وعناصر عبر لمسات ريشة رفيعة تجنح بقوة نحو إظهار تفاصيل كل العناصر القادمة من وضوح الرؤى السوريالية والفانتازية. فلوحاتها تمنحنا الانطباع، بأنها تمتلك القدرة لتحسس إيقاعات ألوانها المأخوذة من الطيف الشعري، يقدر ما تذهب لتكثيف الوعي التصويري والتقني، في إطار اللوحة عبر اللمسات اللونية الهادئة والمدروسة والرصينة، والتي عمقت من هواجس نزعتها اللامنطقية، المعبرة عن لامنطقية الواقع .
ولهذا نراها تجنح وبقوة نحو إظهار الاشكال على خلفية لونية خافتة او معتمة، وهذا يزيد من وضوح الرؤية الأسطورية في فراغ السطح التصويري .
هكذا يمكن التماس عوالم الأحلام والرؤى الخيالية والأسطورية، وتداعيات معطيات اللاشعور السوريالي، وجمالية الصياغات الخطية المنبثقة من الرؤية الحلمية