MA5TV الثقافية
تعلن الإيسيسكو عن إطلاق الدورة الثانية من مسابقة “مدن القصائد” والمخصصة هذا العام لمدينة سمرقند بجمهورية أوزبكستان، بمناسبة الاحتفاء بها عاصمة للثقافة في العالم الإسلامي للعام 2025.
وتهدف المسابقة إلى إحياء وتعزيز علاقة الشعر بالمكان وهي علاقة قديمة بُني عليها العديد من القصائد الخالدة في مجال الشعر العربي والإنساني.
لمزيد من التفاصيل وشروط المشاركة:
https://www.ajdadmosaba9at.com/2025/07/icesco-2025.html
الأطلال في الشعر العربي
ارتبط شِعرُ المُعلَّقات بالأطلال (آثار الديار) ارتباطًا وثيقًا. فالديارُ المهجورةُ والرسومُ الباليةُ والأطلالُ الخاليةُ كلها مرتكزات أساسية في فلسفة الشِّعر العربي القديم. والقضيةُ ليست قضيةَ حجارة وتراب، وإنما هي قضية أعمار جميلة هاربة بلا عودة، وذكريات دافئة مختبئة في زوايا الذاكرة السحيقة، وآثار الأحبة الذين تركوا بصمتهم في النَّفْس الشاعرة ثم غابوا في طوايا الزمن.
كما أن الأطلال تُجسِّد عملية ” اندثار المكان ومرور الزمن “، وهذه العملية تُورِث لوعةً حارقة في الوجدان الإنساني. ويمكن القول إن الأطلال هي الضريبة القاسية التي يَدفعها الشاعرُ من رُوحه وفكره وأعصابه وعُمره. يَدفعها بكامل إرادته، وكأنه اختارَ العذابَ طواعيةً دون إكراه. إنه يَذهب إلى مملكة الآلام بِرِجْلَيْه، باحثًا عن الطهارة والتطهر والتطهير. طهارة روحه وجسده، والتطهر من هواجس السنوات القاسية وتركةِ الأيام الثقيلة، وتطهير كِيانه من النسيان وقسوة القلب، وبرودة الأعصاب. إن الشاعرَ يذهب إلى المحرقة بملء إرادته، ويَحرق أعصابه ومشاعره بشكل إرادي، لعله ينالَ الطُّهر المنشود، ولعلَّ نارَ الذكريات المنبعثة من الأطلال تنقِّي رُوحه مثلما تنقِّي النارُ الذهبَ.
ولا يَكتفي الشاعرُ بالوقوف على الأطلال، وإنما يَطرح عليها الأسئلة بلسان الحال أو بلسان المقال. فهو لا يَقْدر على الوقوف كالصنم بلا تفكير، فلا بد أن يتفكر في المشهد المرسوم أمامه، ويُسائله. وهذا يَعني أن مشاعره سَتَغْلي في قِدْر الأيام الراحلة، وأن قلبه سيحترق في بَوْتقة التاريخ الجارف الذي لا يَعبأ بمشاعر الناس أو اقتراحاتهم. والشاعرُ _ بوقوفه على الأطلال _ يَبعث فيها الرُّوحَ، ويستعيدها من قبضة الزمن، ولو بشكل مؤقَّت. وسوفَ تظل الأطلالُ حجرَ الزاوية في قلعة الفِعل الشِّعري، والركيزةَ الأساسية في عالَمِ الذكرياتِ والحبِّ الضائعِ.