مواضيع ذات صلة

لحظة مع كتاب “عين السيد – التاريخ الاجتماعي للذكاء الإصطناعي”

MA5TV الثقافية

كتاب “عين السيد – التاريخ الاجتماعي للذكاء الإصطناعي”، تاليف : ماتيو باسكيليني، ترجمة : متيم الضايع ،الناشر : صفحة سبعة ،تاريخ النشر : 2025
يجادل باسكينيلي أن الذكاء الاصطناعي (AI) ليس محاكاةً للعقل البشري، بل هو تجسيد لأتمتة العمل العقلي الجماعي داخل النظام الرأسمالي. يرفض أطروحة “الذكاء الخارق” (Superintelligence) ويؤكد أن الذكاء الاصطناعي يعكس علاقات القوة، والانضباط، والمراقبة، إذ تُعاد فيه صياغة التحيزات الاجتماعية، مثل العنصرية والطبقية، من خلال الخوارزميات. يرى أن فهم الذكاء الاصطناعي يتطلب تفكيك تاريخه كمشروع اجتماعي سياسي، لا كمجرد ابتكار تقني.
يجادل باسكينيلي فرضية أن الذكاء الاصطناعي يُجسد العمل العقلي الجماعي بدلاً من تقليد الدماغ البشري. يرفض فكرة “الذكاء الخارق” كخيال، ويرى أن الخوارزميات تُعيد إنتاج علاقات القوة والتحيزات الاجتماعية، مثل العنصرية أو التمييز الطبقي، من خلال استيعاب المعرفة البشرية في أنظمة رأسمالية. يدعو إلى “محو أمية جديدة” لفهم الذكاء الاصطناعي كنظام مراقبة وهيمنة.

محاور الكتاب:


1ـ الجذور الصناعية للذكاء الاصطناعي : يبدأ باسكينيلي بتحليل آلات تشارلز باباج (مثل Difference Engine وAnalytical Engine في القرن التلسع عشر ) كأمثلة مبكرة لأتمتة الحساب البشري ويربط هذه الآلات بمفهوم ماركس “الذكاء العام” (General Intellect) في جرندريسه ( أسس نقد الاقتصاد السياسي) ، موضحًا أن الذكاء الاصطناعي يستمد قوته من المعرفة الجماعية المُنظمة في النظام الصناعي. يشير أيضًا إلى محاولات ترميز المعرفة في ثقافات قديمة (مثل الطقوس الهندية حوالي 800 ق.م) كجذور فلسفية لأتمتة المعرفة.
2ـ التحول إلى عصر المعلومات والسيبرنيتيك :يتتبع الكتاب انتقال الذكاء الاصطناعي إلى عصر المعلومات من خلال علم التحكم الآلي (Cybernetics) في الأربعينات والخمسينات، مع التركيز على نموذج بيرسيبترون Perceptron لفرانك روزنبلات كنقطة انطلاق للتعلم الآلي.
يبرز تأثير فريدريك هايك، الذي صور السوق كنظام معرفي لامركزي، مما أثر على تصميم الذكاء الاصطناعي كشبكة بيانات. يناقش أيضًا دور علماء مثل نوربرت وينر في تطوير فكرة “الاتصال الذاتي” (autopoiesis) التي أثرت على الذكاء الاصطناعي.
الكتاب يشير أيضًا إلى تأثير النيوليبرالية (مثل أفكار ميلتون فريدمان) على تطور الذكاء الاصطناعي.
3ـ نظرية “الذكاء كأتمتة للعمل العقلي” : ينتقد باسكينيلي فكرة أن الذكاء الاصطناعي يحاكي الدماغ، ويقترح أنه يؤتت أنماطًا من المعرفة البشرية الجماعية.
يعتمد على نظرية النشاط الثقافي-التاريخي (CHAT) ليظهر أن الذكاء الاصطناعي ينشأ من التفاعلات الاجتماعية المادية، وليس من الأفراد. يرى أن “الذكاء” هو تجميع للمعرفة المسجلة عبر الزمن، مثل بيانات العمال في أنظمة الذكاء الاصطناعي الحديثة.
الكتاب يستخدم مصطلح “تجسيد العلاقات الاجتماعية” بشكل أكثر وضوحًا من “أنماط متكررة”، مع إشارة إلى أعمال رومانو ألكواتي لدعم هذا الإطار.
4ـ عين السيد”: الذكاء الاصطناعي كأداة مراقبة وهيمنة
يستعير باسكينيلي استعارة “عين السيد” من الماركسية ليصف الذكاء الاصطناعي كنظام مراقبة يعزز الهيمنة الرأسمالية والتحيزات الاجتماعية.
يوضح كيف تُعيد خوارزميات التصنيف والتنبؤ إنتاج التمييز العنصري والجنسي والطبقي، مستشهدًا بأمثلة مثل تحيزات أنظمة التعرف على الوجوه (التي تميز ضد الأقليات) أو خوارزميات الرعاية الصحية (مثل دراسة مجلة ساينس عن التمييز ضد السود).
الكتاب يربط هذه التحيزات أيضًا ببيانات التدريب التي تعكس عدم المساواة الاجتماعية، مما يعزز تحليل الهيمنة.
5ـ دعوة إلى “محو أمية جديدة: يدعو باسكينيلي إلى ثقافة نقدية حول الذكاء الاصطناعي، تتجاوز الانبهار التقني وتسائل السياسات الكامنة في تصميمه.
يطالب الصحفيين، الناشطين، والفنانين بخلق سرديات مضادة لـ”الأسطورة التقنية” التي تروجها الشركات مثل جوجل وفيسبوك. يقترح سياسات تكنولوجية تعيد السيطرة على “الذكاء العام” إلى المجال العام، مستلهمًا فكرة ألكواتي عن مقاومة الرأسمالية.
الكتاب يؤكد أيضًا على إشراك العمال والمجتمع بأسره في هذا الوعي، مع إشارة إلى أشكال جديدة لإنتاج المعرفة.
لاقى الكتاب ترحيبًا واسعًا بين النقاد في مجالات الدراسات التقنية والفلسفة السياسية والتاريخ الاجتماعي.
أشاد البعض بأنه يفكك الخطاب الأسطوري حول الذكاء الاصطناعي الذي يُروَّج له في وادي السيليكون.
نُقد أيضًا بأنه معقّد نظريًا وقد يكون بعيدًا عن التطبيقات العملية للذكاء الاصطناعي، لكنه يُعطي إطارًا تحليليًا ضروريًا.

نبذه عن المؤلف

ماتيو باسكينيلي (Matteo Pasquinelli)
يشغل حاليًا منصب أستاذ مساعد في فلسفة العلوم بجامعة Ca’ Foscari فينيسيا، ضمن قسم الفلسفة والتراث الثقافي
يقود مشروع AIMODELS المموّل من ERC (2018‑2023)، الذي يستكشف علم الذكاء الاصطناعي كنظام معرفي واجتماعي
يعمل في تقاطع بين فلسفة العقل واللغة، الاقتصاد السياسي، وأتمتة المعرفة مثل الذكاء الاصطناعي
وهو مؤلف كتاب “عين السيد : تاريخ اجتماعي للذكاء الاصطناعي” (2023)، والفائز بجائزة دويتشر التذكارية لعام 2024.
درّس سابقًا في معهد برات في نيويورك وجامعة الفنون والتصميم في كارلسروه، حيث أسّس مجموعة البحث KIM حول فلسفة الإعلام والذكاء الاصطناعي (2018–2023)
الكتاب دعوة صريحة إلى نزع السحر عن الذكاء الاصطناعي، ورفض التعامل معه كـ”عقل خارق”، والاعتراف به كأداة رأسمالية تستغل المعرفة الجماعية وتُعيد إنتاج السيطرة الاجتماعية.
إنه مشروع لإعادة سياسة المعرفة إلى ساحة النقاش التكنولوجي.
يرى باسكينيلي أن الذكاء الاصطناعي لا يُحاكي العقل البشري، بل يُجسد العمل العقلي الجماعي داخل أنظمة رأسمالية. يفضح كيف تُعيد الخوارزميات إنتاج علاقات السلطة والتحيّز الاجتماعي، ويصف الذكاء الاصطناعي بـ”عين السيد” التي تراقب وتُهيمن. يدعو إلى وعي نقدي وسياسات بديلة لفهم وتحرير المعرفة الجماعية من قبضة السوق، وأن الذكاء الاصطناعي ليس عقلًا مستقلًا، بل مرآة للسلطة التي صممته.