مواضيع ذات صلة

لحظة مع كتاب “عرب لا نراهم” أنطولوجيا حقيقية للثقافة العربية

MA5TV الثقافية

كتاب “عرب لا نراهم” عن أولئك الذين لا نعرفهم أولئك الذين ليسوا إرهابيين، تأليف: پاولا کاریدی، تقديم الأصل الإيطالي : علاء الأسواني، ترجمة :مروة على فوزى، مراجعة: سوزان بديع إسكندر، الناشر: المركز القومي، تاريخ النشر: 2011
الكتاب صدر أولاً باللغة الإيطالية عام 2007( Arabi invisibili -Paola Caridi ) بواسطة دار نشر Feltrinelli، وتُرجم إلى الإنجليزية بعنوان Invisible Arabs عام 2013. مقدمة الكتاب من تأليف علاء الأسواني أضافت بعدًا ثقافيًا مهماً، حيث يدعم رؤية كاريدي للحوار بين الشرق والغرب.
يقدم الكتاب رؤية إنسانية ومعمقة تهدف إلى تفكيك الصور النمطية الغربية عن العرب، التي ركزت بعد أحداث 11 سبتمبر 2001 على ربطهم بالإرهاب والتطرف. يركز الكتاب على تنوع المجتمعات العربية من المغرب إلى الخليج، مقدمًا “كتالوجًا” للعرب “الخفيين” – الأفراد العاديين، المدونين، المثقفين، والنساء الذين يشكلون الحياة اليومية بعيدًا عن التنميط. يبرز الكتاب دور الإنترنت، التعليم، والثقافة الشعبية في إعادة تشكيل الهوية العربية، ويدعو إلى حوار ثقافي يتجاوز التحيزات الاستشراقية.
المحاور الأساسية للكتاب:
1-الهوية العربية خارج الصورة النمطية:
يبدأ الكتاب برمزية “ليمونادة النعناع” للإشارة إلى غنى الثقافة العربية المهجورة في النظرة الغربية، خاصةً في سياسات صانعي القرار مثل جورج دبليو بوش. ينتقد كاريدي الصورة الإعلامية التي تصور العرب كإرهابيين أو متابعين لأسامة بن لادن، ويقدم بدلاً من ذلك صورة لـ”العرب الخفيين” – ملايين الأفراد العاديين الذين يعيشون حياة يومية مليئة بالإبداع والتحديات. يستلهم الكتاب نقد إدوارد سعيد للاستشراق، مؤكدًا على التشابك التاريخي بين الثقافة العربية والمتوسطية، ويدعو إلى فهم أعمق للعالم العربي.
2-التنوع الجغرافي والاجتماعي:
يعرض الكتاب تنوع المجتمعات العربية من الدار البيضاء إلى الرياض، مركزًا على الفوارق الثقافية، الاجتماعية، والسياسية بين المناطق. على سبيل المثال، يناقش اختلاف أنماط الحياة في القاهرة الحضرية مقارنةً بالمجتمعات القبلية في الخليج، مع التركيز على قضايا مثل دور المرأة، الدين، والدولة. يبرز الكتاب تأثير التاريخ الاستعماري وما بعد الاستعماري على هذه الفوارق، مثل تباين أنظمة الحكم بين المغرب الملكي ومصر الجمهورية، وكيف شكل ذلك الهوية العربية المعاصرة.
3-المجتمع المدني وثورة الإنترنت:
يسلط الكتاب الضوء على دور الإنترنت، خاصة المدونات، في تمكين الشباب والمثقفين من التعبير عن أنفسهم وتحدي الرقابة. يناقش كاريدي كيف أصبحت المدونات وقنوات التواصل منصات للوعي النقدي، مستقلة عن دوائر المعارضة التقليدية. يتنبأ الكتاب بدور الإنترنت في تعبئة الحركات الاجتماعية، كما شوهد لاحقًا في الربيع العربي (2011). يبرز أيضًا الثقافة الشعبية، مثل السينما والأدب، كوسيلة لتحدي الصور النمطية وإبراز تنوع العالم العربي.
4-المرأة والهوية المختلطة:
يخصص الكتاب، خاصةً في فصل (ليس الحجاب فقط)، مساحة لمناقشة دور المرأة العربية في إعادة تشكيل الهوية. يناقش كاريدي الحجاب كرمز هوياتي، غالبًا كاختيار شخصي أو احتجاج ضد العولمة الثقافية، وليس فقط كفرض ديني. يبرز الكتاب نساء من خلفيات متنوعة – طالبات، محترفات، وناشطات – يساهمن في تغيير الصورة التقليدية للمرأة العربية، مع التركيز على دورهن في التعليم والعمل كجزء من “العرب الخفيين”.
5-التعليم والتحولات الاجتماعية:
يناقش الكتاب دور التعليم العام في دول ما بعد الاستعمار، خاصةً في مصر، في خلق طبقة وسطى واعية سياسيًا وثقافيًا. يبرز كاريدي كيف ساهم التعليم في تمكين الشباب والنساء، رغم التحديات مثل الأزمات الاقتصادية وضعف دعم المدارس الحكومية. يربط الكتاب التعليم بظهور حركات اجتماعية جديدة، حيث أصبح الشباب المتعلمون قوة دافعة للمطالبة بالإصلاحات والديمقراطية.
6-صعود الإسلام السياسي والمطالبة بالديمقراطية:
يتناول الكتاب صعود الإسلام السياسي كقوة شعبية، مع التركيز على حركات مثل الإخوان المسلمين، التي تمثل أغلبية الناخبين في بعض الدول. يؤكد كاريدي أن أنصار هذه الحركات لا يسعون فقط إلى تطبيق الشريعة، بل يطالبون أيضًا بالديمقراطية وحقوق مدنية، مدعومين من القطاعات الليبرالية والعلمانية. يبرز هذا المحور تعقيد المشهد السياسي العربي، متحديًا الصورة الغربية التي تربط الإسلام السياسي بالتطرف.
7-نقد الاستشراق والتحيز الغربي:
ينتقد الكتاب التصورات الاستشراقية التي تصور العرب ككتلة متجانسة مرتبطة بالإرهاب أو التخلف، خاصةً بعد أحداث 11 سبتمبر. يدعو كاريدي إلى حوار ثقافي مبني على قاعدة مشتركة، مستشهدًا بمقدمة علاء الأسواني الذي يرفض اعتبار الغرب عدوًا، بل يراه ممثلاً بإرث ثقافي مثل شكسبير وفيفالدي. يؤكد الكتاب على ضرورة فهم التشابك التاريخي بين العالم العربي والغرب عبر البحر المتوسط.
أشاد علاء الأسواني في مقدمته بقدرة كاريدي على فهم تعقيدات العالم العربي، معتبرًا الكتاب أداة لتصحيح التصورات الخاطئة بعد 11 سبتمبر.، وبذلك يُعتبر الكتاب مرجعًا هامًا في الدراسات الشرق أوسطية، خاصةً لتركيزه على الأفراد العاديين وليس فقط النخب السياسية أو الدينية.
يرى بعض القراء لهذا الكتاب أنه يتناول أحداث الربيع العربي (2011)، أي مرحلة انعكاس التحولات السياسية الحديثة. ومع ذلك، يُعتبر هذا الأمر ميزة في بعض السياقات، حيث يوفر الكتاب وثيقة تاريخية عن الفترة ما قبل الربيع العربي.
ساهم الكتاب في تعزيز النقاش حول العلاقة بين الغرب والعالم العربي، وألهم مدونة كاريدي Invisible Arabs، التي أصبحت منصة رقمية لمواصلة هذا الحوار. يُستخدم الكتاب في الدراسات الثقافية والسياسية، ويُعتبر مرجعًا لفهم التحولات الاجتماعية في العالم العربي قبل الربيع العربي.
يعتبر الكتاب عملا رائدا يسعى إلى تفكيك الصور النمطية الغربية عن العرب، مقدمًا صورة إنسانية ومتنوعة لمجتمعات الشرق الأوسط وشمال إفريقيا. من خلال محاور مثل الهوية العربية، التنوع الاجتماعي، دور الإنترنت، وضع المرأة، التعليم، صعود الإسلام السياسي، ونقد الاستشراق، كما يبرز الكتاب تعقيدات الحياة العربية بعيدًا عن التنميط. المحاور المقترحة دقيقة بشكل عام، لكنها تحتاج إلى إضافة محور الإسلام السياسي وتوسيع الأمثلة. حظي الكتاب بإشادة لأسلوبه الجذاب ورؤيته الشاملة، لكنه واجه انتقادات لعدم تغطيته أحداث الربيع العربي وبعض التحيزات المحتملة. مدعومًا بخبرة كاريدي كصحفية ومؤرخة عاشت في المنطقة، يُعد الكتاب مرجعًا قيمًا لفهم العالم العربي ودعوة لحوار ثقافي أكثر انفتاحًا، خاصةً كوثيقة تاريخية لما قبل الربيع العربي.