مواضيع ذات صلة

حوار افتراضي نستالوجي من المعنى إلى المبنى

بقلم: آية الحمري
في عصر السرعة الرقمية والابتكار التكنولوجي المتسارع، يظهر الحنين إلى الماضي كملاذ ثقافي ونفسي لجيل يعيش في عالم مشوش القيم.
لم يعد استحضار الماضي مجرد شعور فردي، بل تحوّل إلى ظاهرة ثقافية جماعية، تستثمرها الشركات، وتغذيها السينما والموسيقى ووسائل التواصل.
● النوستالجيا: تعريف يتجاوز الحنين
مصطلح Nostalgia، كما يوضح المؤرخ الثقافي Michael S. Roth، لا يشير فقط إلى الحنين، بل إلى نوع من “الذاكرة العاطفية الانتقائية” التي تعيد تشكيل الماضي كما نريد أن نتذكره، لا كما كان فعلا.
● نوستالجيا الموضة والموسيقى: إعادة تدوير الماضي؟
يكفي أن نلاحظ عودة أزياء الثمانينات والتسعينات، وانتشار الريمكسات التي تستحضر أم كلثوم وعبد الحليم حافظ بصوت إلكتروني.


شركة مثل Netflix تعتمد على “نوستالجيا الأجيال” في أعمال مثل Stranger Things، الذي أعاد سحر الثمانينات بصيغة معاصرة
● حين يتحول الحنين إلى منتَج
يشير مقال منشور في مجلة The Atlantic إلى أن “الحنين اليوم يصنع ويسوق كمنتَج” ـ من ألعاب الفيديو القديمة إلى ملصقات الأفلام الكلاسيكية ـ حيث يعاد إنتاج المشاعر بطريقة تدر الأرباح أكثر من المعنى.
● الحنين الثقافي: مقاومة أم انسحاب؟
الحنين إلى الماضي قد يكون أداة مقاومة ثقافية ضد ضياع الهوية، كما في استعادة الطقوس الشعبية أو الأغاني التراثية، لكنه أحيانا يتحول إلى انسحاب من الحاضر.
كما يوضح عالم الاجتماع Zygmunt Bauman، فإن النوستالجيا قد تستغل أيديولوجيا لبناء ماض مثالي غير حقيقي يستخدم ضد التغيير.
لفهم أعمق لطبيعة هذا الحنين وتناقضاته، نصوغ حوارا تخييليا بين رموز ثقافية رمزية: الحنين كمشاعر جمعية، ورجل التسويق كممثل للاستغلال التجاري، وفنانة معاصرة تحاول خلق توازن بين الوفاء للذاكرة والابتكار.
هذا الحوار مستوحى من أفكار Michael S. Roth حول النوستالجيا كـ”موارد ثقافية”، وتحليلات Zygmunt Bauman في Retrotopia، إضافةً إلى دراسات Forbes وThe Atlantic حول استراتيجيات التسويق العاطفي والحنين الثقافي.
الحوار الافتراضي
المكان: طاولة مستديرة خيالية في معرض ثقافي
الشخصيات:
الحنين: يمثل الجيل الذي عاش الماضي ويريد استعادته
رجل التسويق: يمثل الشركات التي تستثمر في مشاعر النوستالجيا
الفنانة المعاصرة: فنانة شابة تمزج بين التراث والتجديد
الحنين :كل شيء كان أبسط، كان صوت أم كلثوم يسكن القلب بلا ضجيج، وكانت رسائلنا تُكتب بخط اليد وتحمل صدقا لا تملكه الرموز التعبيرية اليوم.
رجل التسويق: نحن نمنحكم وسيلة لتسترجعوا ذلك الشعور. هل تذكر تلك اللعبة القديمة؟ أعدنا إطلاقها مع تطبيق للهاتف. النوستالجيا تباع لأنها تشعركم بالانتماء.
الفنانة: لكن ألا نخشى أن نُغرق في استنساخ الماضي؟ دوري كفنانة أن أستعير من الماضي لأعيد صياغته بلغة هذا الجيل، لا أن أعيش فيه.
الحنين:أخشى أن تفقدوا روح الأشياء. الأغنية الحديثة تستعير صوت أم كلثوم، لكنها لا تحترم روحها.
رجل التسويق: ما المانع إن أحبها الجيل الجديد؟ نحن نعيد التغليف فحسب.
الفنانة :ربما الحل هو الحوار، لا الاستغلال علينا أن نحترم الذاكرة دون أن نحولها إلى منتج بلا روح.
الحنين إلى الماضي ليس خطيئة، بل حاجة نفسية وجمالية. لكن خطورته تكمن حين يفصل عن سياقه الثقافي ويتحول إلى مادة للتسويق.
ويبقى السؤال:
هل نعيد بناء حاضرنا بمخيلة تستلهم الماضي؟ ! أم نهرب إلى ماض مثالي لم يوجد قط؟ !