مواضيع ذات صلة

جدلية الحب والوطن في أدب محمود درويش

بقلم ايمان فنكاش

يُعدّ محمود درويش من أبرز الشعراء العرب الذين نسجوا من خيوط الحب والوطن نسيجًا شعريًا فريدًا، حيث امتزجت في قصائده التجربة الصغرى في التجربة الكبرى والعكس؛ إذ خاطب الحبيبة بالوطن وخاطب الوطن بالحبيبة، ليشكل بذلك تجربة شعرية متفردة تُعبّر عن الإنسان الفلسطيني وهمومه.
الحب في شعر درويش: بين العاطفة والرمز
لم يكن الحب في شعر درويش كمشاعر رومانسية، بل كان وسيلة للتعبير عن الحنين، الفقد، والارتباط العميق بالأرض.
في قصيدته “ريتا”، يقول: “بين ريتا وعيوني… بندقية”
هنا يتحول الحب إلى رمز للصراع، حيث تُجسّد “ريتا” الوطن المسلوب، والحبيبة المستحيلة، مما يعكس تعقيد العلاقة بين العاطفة والواقع السياسي.
الوطن في شعر درويش يرمز له بالحبيبة والأم، لأن شعر درويش ليس تشخيصيا للوطن كمكان فقط، بل ككائن حي ينبض في كل كلمة. ففي قصيدته “أحبك أكثر”، يُجسّد الوطن كحبيبة:”وأنت، كما شاء لي حبنا أن أراك:
نسيمك عنبر
وأرضك سكر
وقلبك أخضر
هذا التصوير يُبرز كيف أن الحب والوطن يتداخلان في وجدان الشاعر، ونكتشف معه كيف يُصبح الوطن معشوقًا، والحب وسيلة للتعبير عن الانتماء والهوية.
الجدلية بين الحب والوطن: تداخل لا انفصال في شعر درويش؛ إذ لا يمكن فصل الحب عن الوطن عنده فكلاهما ينبع من نفس الجرح، ويتغذى من نفس الحنين. في قصيدته “على هذه الأرض ما يستحق الحياة”، يقول:
“على هذه الأرض ما يستحق الحياة:
تردد إبريل
رائحة الخبز في الفجر
تعويذة امرأة للرجال
كتابات أسخيليوس
أول الحب
عشب على حجر
أمهات تقفن على خيط ناي
وخوف الغزاة من الذكريات”
يُظهر درويش هنا، كيف أن الحب، بكل تجلياته، هو جزء لا يتجزأ من الوطن، وأن الدفاع عن الوطن هو دفاع عن الحب، والعكس صحيح، وبذلك تُجسّد قصائد محمود درويش جدلية الحب والوطن، حيث لا يُمكن فهم أحدهما دون الآخر. فالحب في شعره هو حب للوطن، والوطن هو معشوق لا يُفارق القلب، مما يجعل من تجربته الشعرية مرآةً تعكس معاناة الإنسان الفلسطيني، وتُعبّر عن أعمق مشاعره.