مواضيع ذات صلة

افتتاحية اليوم الثاني ملف ذكرى محمود درويش

محمود درويش في ذكراه المتجددة
الناقد أحمد علي هلال ـ دمشق


ينطوي استدعاء الشاعر محمود درويش على قيمة مضافة مازالت تمثل ذلك الجدل الثري بصدد ماهية الشعر وحضور القصيدة والنصوص المخترقة لأزمانها وأمكنتها، وأكثر من ذلك هو استدعاء لأثر مرصود مازال يمارس حضوره في ذاكرة التلقي، بأبعاد وتجليات كثيرة، وبعيدة في ما تركه الشاعر الإنسان والرائي الخلاق محمود درويش، الراسخ في أرض قصائده والذاهب عميقا في كثافات الجمال وذراه الطليقة.
محمود درويش مركب فريد من الشاعر والإنسان والمقاوم والحالم، كان الشعر معادله الرئيوي ليشكل خطابه المضاد والوجودي، منذ وقع أولى قصائده سجل أنا عربي، وليس انتهاء بأرجو لهذه القصيدة ألا تنتهي، وما بينهما من أكوان شعرية باذخة الدلالة، من غنائيات عالية المقام وتسريديات تراجيدية، أنجزت بلاغتها في الأزمنة القادمة، هي جماليات تجربة مفتوحة على مطلق الشعر وثيماته، ليقف الدرس النقدي العربي بغواية كاملة تحت سحرها وبرهاتها الملحمية، وبمعنى آخر وقف أمام تجليات القضية والصراع وحساسية الشعر حينما يكون معادلا للفلسطيني المثقف والمشتبك والمقاوم باللغة والكينونة والجمال.
محمود درويش أحد أكبر شهود التراجيديا الفلسطينية المديدة، وصياغة وعيها وسادن نشيد الخلاص، فهو من أعاد تأثيث المكان، وتشييد الذاكر ة على صرح لغة رائية، لغة عجن درويش من مفرداتها روحا فلسطينية، مازالت تحمل طلقة الضوء أمام غزاة عابرين.
شعره كان رؤيا حضر فيها الوطن كأنبل قصيدة، وارتقت أدوات الشاعر لتصوغه بشهية رغيف وكبرياء قمح، ونشيد زنبقة ورمح محارب وانتظار عاشق، فالقصيدة هي القضية، ولا مسافة فيها لفكر سيظل ما بقيت الأرض ورعشة الأصابع.
زمن محمود درويش ومن تبعه ولم يتعب من الإنشاد، هو زمن قادم بجسارة الشهود والشهداء.