مواضيع ذات صلة

سردية الضمائر في شعر وشعرية محمود درويش

أحمد طنيش

نعتز في MA5TV الثقافية، بأننا خلقنا جنسا إعلاميا سميناه الحوار الافتراضي، هذا الحوار الذي أصبح منصة نستقبل فيها مبدعين يمثلون أزمنة وجغرافيات مختلفة ومتباعدة بقرون، في الغالب يلتقي لنا وعندنا من لم يتم اللقاء بينهم من الممكن أن يلتقي فاعل من هذا العصر من ممثل للعصور الوسطى وغيرها ومن الممكن أن يسافر عبر الزمن لفعاليات مستقبلية، أتاحت لنا فرصة اللقاء بين أعلام ومعارف ومحطات تاريخية وغيرها، الأمر الذي حقق لنا المقارنة والمقابلة المتقابلة والمتآلفة والمختلفة أحيانا، كما أتاح لنا هذا الحوار الافتراضي فتح ملفات سير ذاتية ومشاريع علمية ومعرفية قد نبدأها بمن أطلق الشرارة الأولى وكيف تحولت وتبلورت الفكرة مع الزمن إلى أن تحققت، كما أتاح لنا الحوار الافتراضي فتح ملفات نقدية وسيرية مختلفة.


مع محمود درويش الذي اقترحنا له يومي 9 و10 غشت 2025، ملفا يرصد سيرته كشاعر وإنسان ومواطن.
فكرنا كيف نستضيفه في الحوار الافتراضي، وبحثنا عمن يعد ويدير معه هذا اللقاء، فحضرني سميح القاسم، وغسان كنفاني وياسر عرفات وأدونيس وغادة السمان أو فدوى الطوقان وغيرهم، بل وجدت في كل قطر عربي اسما بل أسماء ممكن أن تحاوره، لكن في الأخير اهتديت أن المؤهل الذي من الممكن أن يحاور محمود درويش هو درويش نفسه، خصوصا حينما قضبنا على تقنية وآلية التوظيف الإبداعي والجمالي للضمائر، التي حولها درويش من لغة إلى شعرية اللغة، والسبب أنه صادق نفسه كثيرا وعاش معها الوحدة والغربة والألم والأمل والحب واللاحب، كما عاش معها فصول السفريات في كل البقاع إلا السفر إليه، إلى تربته إليه إلى جذوره، لذا نعلن أننا اكتشفنا درويش بدرويش من خلال سردية الضمائر.
عبر سردية الضمائر التي أتقنها محمود درويش وسبب الاختيار وطرح لعبة الضمائر في شعرية محمود درويش، مرجعها حوار للذات مع الذات، ضمير المتكلم والمخاطب حاضر بقوة في شعر وشعرية محمود درويش هو الملخص للضمائر كهويّة دلاليّة، تجسّد مشاعراً قبل توظيفها في النصّ، كما وأنّ سياق النصّ يضفي عليها فاعليّة. ودرويش يفجر طاقته الكامنة بالضمائر، كوحدة جزئيّة في النصّ، تغذّي حركة المعنى وتحرّك مشاعر المتلقّي. وظّفها محمود درويش بشكل مكثّف لإضفاء مسحة جماليّة وانتقال تجربة شعوريّة. اعتمد الشاعر على مخزونها الدلاليّ في هيئتها الأولى الدالّة على الذاتيّة، والانتماء، والقوّة، والاتّحاد والمصير المشترك، كما وأنّ استخدامها المتعدّد في لجّة الخلق وفي سياق النصّ أعطاها حركيّة تجلّت بدلالات ملائمة لفكرة الشاعر.
نحيل على ضمائر المتكلّم في “سجل أنا عربي” و “لماذا تركت الحصان وحيداً”. للكشف عن أسرار الضمائر وجمالياتها وفق المنهج الوصفي والتحليلي. وقد اكتشفنا أن الشاعر فعلا حاور نفسه باستخدامه أنا الجمع ليصف الواقع الفلسطيني وصفاً صريحاً فهي دوامّة من الصراع، فتارةً تظهر لنا “نا” علي هيئة فاعل لها القدرة والفاعليّة علي النشوء وتارةً علي شكل “نا” مفعولة، مهزومة، منفعلة ينتابها الضعف وهي مستسلمة لما يجري لها من الأحداث، ولكن لا تقف موقف الراصد المتفرّج بل تحارب لكي تُعلي من موضع “الأنا” وتُلغي فاعليّة الآخر وترغمه علي بقائه على المفعوليّة.

إشارة: هذا المقال أرضية لدراسة حول سردية الضمائر عند محمود درويش، سنطرحها للجدل العملي والمعرفي