مواضيع ذات صلة

لماذا تركت الحصان وحيدًا

MA5TV الثقافية
تروي هذه القصيدة في ثناياها، الألم الفلسطيني وحنين الشعب الفلسطيني لأرضه الذي أبعده الاحتلال عنها، وتبأ القصيدة بسؤال طفولي رغم براءته إلا أنه يحمل معاني كثيرة وعميقة، إلى أين تأخذني يا أبي؟ فيرد الأب بجواب لا نعرف إن كان يريد به التهرب من السؤال، أم يريد أن يفلسف الإجابة لولده حتى يفكر بها جيدا فيما بعد، فيقول : إلى جهة الريح يا ولدي. وتأتي القصيدة فيما بعد تروي قصة الأب الذي أخذ ابنه وخرج به إلى اتجاه الريح وترك وراءه الحصان وحيدا ليحرس المنزل، ويدفئه بأصالته وإخلاصه، ولأن البيوت الفارغة تموت فهي تحيا بنفس أصحابها الحقيقين.

إلى أَين تأخُذُني يا أَبي؟
إلى جِهَةِ الريحِ يا وَلَدي..
وَهُما يَخْرُجانِ مِنَ السَهْل، حَيْثُ
أقام جنودُ بونابرتَ تلًّا لِرَصْدِ
الظلال على سور عَكَّا القديم
يقولُ أَبٌ لابنِهِ: لا تَخَفْ.. لا ت
َخَفْ من أَزيز الرصاص! التصِقْ
بالتراب لتنجو! سننجو ونعلو على
جَبَلٍ في الشمال، ونرجعُ حين
يعود الجنودُ إلى أهلهم في البعيد
ومن يسكُنُ البَيْتَ من بعدنا
يا أَبي؟
سيبقى على حاله مثلما كان
يا ولدي!
تَحَسَّسَ مفتاحَهُ مثلما يتحسَّسُ
أَعضاءه، واطمأنَّ.. وقال لَهُ
وهما يعبران سياجًا من الشوكِ:
يا ابني تذكَّرْ! هنا طَلَبَ الإنجليزُ
أباك على شَوْك صُبَّارة ليلتين،
ولم يعترف أَبدًا.. سوف تكبر يا ابني،
وتروي لمن يَرِثُون بنادِقَهُمْ
سيرةَ الدم فوق الحديد..
لماذا تركتَ الحصان وحيدًا؟
لكي يُؤْنسَ البيتَ، يا ولدي،
فالبيوتُ تموتُ إذ غاب سُكَّانُها..
تفتحُ الأبديَّةُ أَبوابها، من بعيد،
لسيَّارة الليل.. تعوي ذئابُ البراري
على قَمَرٍ خائفٍ..
ويقولُ أَبٌ لابنه: كُنْ قويًّا كجدِّك!
واصعَدْ معي تلَّة السنديان الأخيرةَ يا ابني، ت
ذكَّرْ: هنا وقع الانكشاريُّ ع
ن بَغْلَةِ الحرب، فاصمُدْ معي
لنعودْ
متى يا أَبي؟
غدًا.. ربما بعد يومين يا ابني!
وكان غَدٌ طائشٌ يمضغ الريح
خلفهما في ليالي الشتاء الطويلهْ..
وكان جنودُ يهُوشُعَ بن نونِ يبنون
قَلْعَتَهُمْ من حجارة بيتهما.. وهما
يلهثان على درب “قانا”: هنا
مرَّ سيِّدُنا ذاتَ يومٍ.. هنا
جَعَلَ الماءَ خمرًا.. وقال كلامًا
كثيرًا عن الحبّ، يا ابني تذكّر
غدًا.. وتذكّرْ قلاعًا صليبيَّةً
قَضَمَتْها حشائش نيسان بعد
رحيل الجنود