بقلم: آية الحمري
يعتبر الحديث أمام الجمهور (Public Speaking) من أكثر المهارات التي تفتح آفاق التطور الشخصي والمهني على حد سواء. فمنذ العصور القديمة، كان الخطيب البارع يحظى بمكانة مرموقة في المجتمع، لأنه قادر على نقل الأفكار، وإقناع الآخرين، وتحريك المشاعر.
تؤكد أبحاث عديدة أن القدرة على التحدث أمام جمهور تمنح الفرد قوة مضاعفة في الحياة العملية، إذ ترفع من مستوى الثقة بالنفس، وتحسن مهارات الإقناع، وتطوّر التفكير النقدي. كما أن هذه المهارة تساعد على مواجهة الخوف من الخطابة أو ما يعرف بـ”الجلوسوفوبيا” (Glossophobia)، وهو أحد أكثر المخاوف شيوعًا في العالم، حيث يعاني منه ملايين الأشخاص، لكن بالممارسة والدعم يمكن تحويله إلى مصدر قوة.
الخطابة الجيدة لا تقتصر على إلقاء الكلمات فحسب، بل هي فن صياغة الفكرة، وضبط نبرة الصوت، ولغة الجسد، وتوجيه الرسائل بأسلوب مؤثر، مما يجعل الجمهور أكثر استعدادًا للتفاعل والتأثر بما يسمع. وفي عالم اليوم، حيث العروض التقديمية، والاجتماعات، والمقابلات، والمناظرات، أصبحت جزء من الحياة اليومية، فإن إتقان هذه المهارة يعد خطوة أساسية نحو النجاح .
في إطار تشجيع الطلبة على التعبير عن أفكارهم بحرية وصقل مهاراتهم في الخطابة، نظم نادي DCM بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بن مسيك، مسابقة Public Speaking المفتوحة أمام جميع الطلبة، بغض النظر عن تخصصاتهم أو مستوياتهم. كانت هذه المبادرة فرصة ذهبية لطلاب الجامعة لاختبار قدراتهم أمام جمهور حقيقي وفي أجواء تنافسية إيجابية.فمنذ لحظة الإعلان عن المسابقة، كان واضحا أن فريق تنظيم نادي DCM قد بذل جهدا كبيرا في الإعداد. فقد تم تجهيز القاعة بوسائل تقنية ملائمة، وضبط الصوت والإضاءة بشكل يتيح لكل متسابق أن يقدم خطابه بثقة ووضوح، كما كان الاستقبال دافئا، والإرشادات للمشاركين دقيقة ومنظمة، مما جعل الأجواء مشجعة حتى للمبتدئين. كما تم الالتزام بالبرنامج الزمني، وهو أمر يعكس الاحترافية والانضباط. هذه العناية بالتفاصيل لم تمنح المشاركين شعورا بالراحة فحسب، بل رفعت من قيمة المسابقة، وجعلتها حدثا يستحق الحضور والمشاركة.
ساهمت مهارة لجنة التحكيم في إعطاء للحظة قيمتها حيث لعبت دورا محوريا في إنجاح المسابقة، ضمت اللجنة أساتذة ، جمعوا بين المعرفة الأكاديمية والخبرة العملية. مما جعل المسابقة تجربة و فرصة للتعلم، لا مجرد منافسة للفوز حيث لم تكن مجرد نشاط جامعي، بل كانت مدرسة عملية في مهارة التعبير أمام الجمهور. خرج المشاركون من خلالها وهم أكثر ثقة، وأكثر إدراكا لأهمية التحضير الجيد، والتحكم في لغة الجسد، والتواصل البصري مع الجمهور، كما حفزت هذه التجربة الطلبة على الاستمرار في التدريب والمشاركة في فعاليات مشابهة .
إن مبادرات مثل مسابقة Public Speaking لنادي DCM تمثل إضافة قيمة للحياة الجامعية، لأنها تمنح الطلبة فرصة لاكتشاف قدراتهم والتعبير عن أنفسهم أمام جمهور متنوع. ومع التنظيم النموذجي، والدعم المميز من لجنة التحكيم، تتحول هذه اللحظات إلى ذكريات محفزة ودروس تبقى مدى الحياة.
فالخطابة أمام الجمهور ليست مجرد مهارة أكاديمية، بل هي أداة لصناعة القادة، وتشكيل الرأي العام، وبناء مستقبل أكثر وعيا وثقة..